#ff0000;">تقرير – هبه وائل
أخذت مواقع التواصل الاجتماعي حيزاً كبيراً في الحياة الانسانية، لكونها تتخلل أغلب جوانب الحياة، فقد أصبحت ذات تأثير كبير في الحياة ولاسيما الشخصية منها؛ إذ أصبح الفرد يمارس أغلب أعماله ونشاطاته عن طريق استخدام التقنية والمعلوماتية، حتى انسحب تأثيرها على المستوى الشخصي للفرد، واخترقت حياتهُ الشخصية.
منذ فترة ليست بعيدة كانت الهواتف النقالة تحمل من قبل الناس من أجل الاتصال وإرسال الرسائل النصية فقط، أما اليوم فباتت الهواتف الذكية في متناول معظم الناس، سواء لضرورة العمل أو الترفيه، فهي تجعل المرء على اتصال دائم بالعالم الخارجي من خلال الإنترنت التي توفر للمرء تصفح كل ما يريد طوال الوقت، الأمر الذي أثر سلباً في الحياة الاسرية، وأدى بحسب الكثير من الدراسات الى ما يعرف بالخرس الاجتماعي بين أفراد الاسرة الواحدة.
الجدير بالذكر ان الحوار الأسري هو نواة نجاح كل أسرة لأنه يشعر أفراد الأسرة بالأمان والدفء والطمأنينة ويخلق نوعاً من العمل الجماعي يشترك فيه كل أفراد الأسرةلكن اختفاءه يحدث فجوة كبيرة ويفقد الابناء الترابط الأسري والعلاقات الدافئة بينهم. ونجد صعوبة في التعامل مع الأبناء عندما يفقدون الثقة في آبائهم ويصبح توجيهاتهم للأبناء مرفوضة بل ومكروهة ويكون الابناء عرضة لتأثير الآخرين عليهم ويقودونهم للانحراف واللامبالاة مما يترتب عليه متاعب نفسية واجتماعية فالأساليب الخاطئة في التربية والتعامل بشدة وصرامة يفقد الابن الإحساس بالثقة بنفسه ولا يجد الأمان بين أسرته لأن نجاح أي بيت هو انسجام الحالة الحوارية بين أفراد الأسرة والصداقة المبكرة بين الأبناء والآباء هي البيئة الداعمة التي تخلق لغة حوار مفهومة وواضحة.
استطلعت بعض الآراء حول دور الهاتف الذكي في حياتهم، وكيف يستخدمونه ويحدون من آثاره السلبيةوقت المكالمات.
شدد الاستشاري في الطب النفسي، الدكتور محمد النحاس، على وجوب تحديد وقت للهاتف في حياة الشخص، فيجب ألا يأخذ هذا الجهاز الكثير من وقت الانسان، اذ يجب أن يحدد الانسان وقتاً لمكالماته أيضاً، فيجب ألا تزيد مكالمة الهاتف على ثلاث دقائق، لانها تؤثر في علاقات الناس وفي اجتماعاتهم ونصح النحاس بوجوب إغلاق الهواتف في أوقات محددة في المنزل وتخصيص الوقت للأسرة، لأن الهاتف النقال اختراع يربط المرء مع كل العالم حوله، ويفرض عليه التبعية للهاتف، وكذلك وجوب الرد أو معاودة الاتصال.
كما اضافت الدكتورة رحاب العوض “استاذ علم النفس السلوكي وعلم الاجتماع بجامعة القاهرة” للاسف الشديد اختفي الحوار الأسري وحل محله التواصل مع الاغراب عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتحول الاجتماع الأسري الي لوم وتهديد من الوالدين لابنهم ومقارنته بالغير أو الاجتماع لالتقاط صورة ظاهرية وعرضها بالسوشيال ميديا رغم ان الاجتماعات الاسرية احيانا يكون لها عامل السحر في حل المشكلات الاسرية او الوقوف علي ما ينقص احد افراد الاسرة مادياً وعاطفياً او ما يحتاجه من دعم نفسي في جزئية ما بحياتهأضافت الاجتماعات الاسرية كان لها موعد شبه محدد سواء الخميس او الجمعة علي الغداء ليتقابل الابناء مع الام والاب. فهم طوال الاسبوع منشغلون بالدراسة او العمل فكان هذا اليوم يوم الاسرة ولكن مع الانشغال بالعمل والارهاق الجسدي طوال الاسبوع وكثرة الدروس الخصوصية او تدريبات النادي تحول يوم الجمعة الي يوم لقضاء المصالح المنزلية وشراء مستلزمات الطعام او النوم مما ادي الي التباعد النفسي والاجتماعي بين افراد الاسرة الواحدة وتحول كل منهم في جزيرة منعزله عن الاخر متوجها للاصدقاء بالمدرسة او السوشيال ميديا ليكون له عالمه الخاص وللاسف يؤدي ارتباط المراهقين ببعضهم الي قصور تجاربهم الاجتماعية وبالتالي قصور في اتخاذ القرارت او الالتزام. بعكس ان يكون المراهق قريباً من والده أو والدته أو أخيه الأكبر.
أشارت إلي أنه للتغلب علي الابتعاد الاجتماعي او النفسي بين أفراد الاسرة الواحدة علينا ان نُقر بان لدينا قصوراً ومشكلة تحتاج الي حل جذري وهو وضع موعد محدد للاجتماعات الأسرية وجعلها وقتاً لطيفاً ينتظره الابناء لعرض ما قاموا بإنجازه او الحديث عن اوقات الضيق او الفرحة الخاصة بهم مع اقرانهم بالمدرسة او النادي وعدم جعل هذه الاوقات محاكمة للاطفال أو التركيز علي عيوبهم وأخطائهم وحتي ان كان هناك خطأ منهم فعلينا لفت الانتباه دون التقليل من شأنهم او الحديث السلبي او العدوان اللفظي عليهم فالاجتماعات الاسرية او الـ (family meeting) لها تاثير علي الحب والاحتضان النفسي للابناء وتسهم في تقليل الخلافات بين الاسرة سواء الزوجين او الابناء والوالدين .
أما بالنسبة لسلبيات هذه الوسائل فهي مخاطر الاحتيال وسرقة الهوية،اضاعة وهدر كبير للوقت ،اختراق واضح للخصوصية،التأثير الواضح في العلاقات الأسرية والزوجية،العزلة الواضحة والاكتفاء بجهاز الموبايل .
عليه يبقى الفرد هو من يحدد مدى الاستفادة من هذه التقنية الجديدة، واستخدامها في وجهتها الصحيحة، عن طريق تحقيق الاستفادة الكاملة من هذا التقدم التقني، الذي حقق مكانة تحسب لهُ في معظم الدول، والابتعاد عن ما هو سلبي قدر الامكان.
كما اثرت علي الجانب الدراسي حيث تدني المستوى العلمي والدراسي لأغلب الطلاب وفي جميع المراحل، لكون هذه الوسائل أخذت حيزاً واضحاً من حياتهم.
مما تجدر الاشارة إليه إنّ الأسرة والمدرسة تقومان بدور أساسي في تكوين مدارك الإنسان وثقافته، وتسهمان في تشكيل القيم والأخلاق التي يتمسك بها ويتخذها كمقومات للسلوك الاجتماعي بما فيها علاقات الآباء بالأبناء؛ لكن اليوم انتقل جزء كبير من هذا الدور إلى شبكات الإنترنت والهواتف الذكية، الأمر الذى حلَّ محل الحوار والمحادثة بين أفراد الأسرة الواحدة، وأدى إلى توسيع الفجوة والصراع بين الآباء والأبناء، وتقصيرهم في واجبهم تجاه أبنائهم وبناتهم في التربية والتوجيه؛ في المقابل فإنَّ انشغال أفراد الأسرة بوسائل التواصل، أدى إلى تقصيرهم مع والديهم في البر والطاعة ،ومن مظاهر تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الأسرة ظاهرة التباعد الأسري، إذ أصبح الحديث بين أفرادها مقتصراً على الأحاديث الضرورية والمختصرة، وغابت الجلسات العائلية الحميمة بين أفراد الأسرة الواحدة،وأصبح لكل فرد فيها تفضيلاته الخاصة، وقامت وسائل التواصل الاجتماعي بتعزيز العزلة والتنافر بين أفرادها،وتلاشي قيم التواصل الأسري، واستبدل الأبناء الانترنت بآبائهم كمصدر للمعلومات، وفقدوا الترابط الأسري وقاموا بتفضيل الحوار مع الغرباء، واستخدام بعض التطبيقات التي تتيح للشخص تقمص شخصية وهمية، تتيح له التفاعل مع مجتمع وهمي وأصدقاء وهميين.
إنَّ قضاء الأطفال والمراهقين أوقاتاً طويلة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، يؤثر في دور الأسرة في نقل ثقافة المجتمع إليهم، وإكسابهم المهارات المختلفة، وتنمية سلوك الأبناء وغرس القيم والأخلاق لديهم، كما يؤثر في دور الأسرة في مراقبة الأبناء ومتابعتهم، نضيف لذلك أيضاً إنَّ متابعة الأطفال للمشاهد العنيفة على وسائل التواصلالاجتماعي تزرع الخوف في نفوسهم، فهي تزيد منالمشكلات السلوكية، كالعدوانية وهذا يؤثر سلباً فيتواصلهم مع أفراد أسرتهم، وفي دراسة أجراها الباحث (هشام البرجي) حول تأثير شبكات التواصل الاجتماعيعلى الأسرة، أظهرت النتائج أن من تأثيراتها السلبية تقليلالحوار البيني التفاعلي بين أفراد الأسرة بنسبة (65.5%)،وأن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي من قبل الأبناء يؤدي إلى تغيير سلبي في سلوكهم بسبب عزلتهم بنسبة (60%)
ومما تجدر الإشارة إليه إنَّ وسائل التواصل الاجتماعي تمتلك من الايجابيات مثل امتلاكها للسلبيات وتتمثل في توسيع قاعدة العلاقات الاجتماعية ،تقليل الحواجز التي تعيق الاتصال ،وسيلة لتشكيل رأي عام فعّال ،وسيلة فعالة للترويج ،متابعة أخبار العالم وتطوراتها ،الوصول للمعلومات في أي وقت وأي مكان ،سهولة التواصل بين جميع الافراد على اختلاف طبقاتهم واعراقهم ودياناتهم.