تحقيق – بسمة البوهي
يعد حرق مخلفات القمح مشهد نراه كل سنة بعد موسم الحصاد، وتصبح الأراضي مثل النيران المتوهجة والدخان يملأ السماء، والذي من المفترض أن يكون مفيد للمزارع بدلاً من حرقه، ورغم معرفة الجميع بمخاطر الحرق إلا أن هذه الظاهرة مستمرة حتى الآن، وهذا المشهد يختلط فية العجز والإهمال وتغيب فية الحلول الفعالة.
أراء المزارعين والناس في هذه القضية
يقول المزارع (محمد محمد) “إنني أحرق قش القمح للتخلص منها بسرعة، وأعتقد أيضاً أن حرقه يعد تطهيراً للأرض، والتخلص من الحشرات وهذا يجعلها مستعدة للمحصول الجديد”.
ويضيف (عاطف حاتم) “أنا كنت أعمل على حرق مخلفات القمح التي تعرف «بالتبن» ولكن عندما علمت أضرارها على الصحة خصوصاً الأطفال، أصبحت أعمل على تجميعها أو تركها في الأرض لأنها تعد سماد طبيعي للأرض”.
يؤكد (أحمد عبده) “أنا لا أعمل على حرق قش القمح، بل أستخدمه إستخدام صحيح، وهو كمادة غذائية للمواشي وأيضاً حرقه ليس مفيد للأرض كما يعتقد الكثير من المزارعين، بل إنه يدمرها لأنه يعمل على حرق العناصر الغذائية المهمة”.
توضح (هبة محمد) “مع بداية موسم حصاد القمح يصبح الجو مليء بالدخان، مما يجعلنا نشعر بالضيق في النفس وأيضاً يسبب مرض في العيون، وبسببه أيضاً يسبب أمراض عند الأطفال وكبار السن، وكذلك يصل إلى داخل البيوت مما يجعلنا نشعر بعدم إرتياح”.
يعتبر قش القمع هو الجزء المتبقي من القمح بعد الحصاد الذي يشتهر بإسم «التبن» ويستخدم كعلف للحيوانات ويكثر أستخدامه في فصل الشتاء، وأيضاً يعمل على تحسين التربه لأنه يعتبر سماد عضوي مما يحسن من خصوبة التربة، وأحتفاظها بالرطوبة وينتج عن هذا محصول جيد.
أسباب حرق قش القمح
يعمل الفلاحون على حرق القش لتوفير الوقت والمجهود لتنظيف الأرض، وأيضاً الإعتقادات الخاطئة التي يعتقدها المزارعون على أنها تساعد في تحسين المحصول القادم، وقتل الحشرات وتعمل على زيادة العناصر المهمة بالتربة.
الأضرار الناتجة عنها
ينتج عن الحرق دخاناً كثيفاً مما يؤدي إلى تلوث الهواء وينتج دخاناً يشبة السحابة سوداء، والذي ينتج عنها غازات سامة التي تضر بالصحة والتي تسبب مشاكل في الجهاز التنفسي مثل الحساسية والربو التي تكثر عند الأطفال وكبار السن.
وأنه يؤدي إلى خلل في التوازن البيئي، لأنه يقلل من جودة الأراضي الزراعية وينتج عنها محصول أقل، ومن الممكن تمدد النيران إلى الاراضي المجاورة مما يسبب خسائر كبيرة، وأيضاً أضرار الحرارة الناتجة عن الحرق تقوم بقتل الكائنات الحية المفيدة في التربة.
أسباب لجوء المزارعين للحرق
لجوء المزارعين للحرق لعدم توافر الأدوات اللازمة لجمع القش وأعادة تدويره، وأنه يعد تكلفة أقل وأن إعادة التدوير تكون التكلفة مرتفعة جداً، وأيضاً لضيق الوقت حيث يستعد المزارع لمحصول جديد ومن الممكن أن يكون أقل وعي وعدم إدراكه لخطورة الموقف.
الطرق الصحيحة للتخلص من القش
يتم خلط القش بالتربة بأستخدام الآلات الخاصة، والتي تساعد في رفع خصوبتها بعد تحللها وأيضاً استخدامها كغذاء للمواشي، ومن الممكن إستخدامها في الحظائر كفرش للحيوانات أو الطيور وكذلك إستخدامها للتدفئة.
جهود الدولة في الحفاظ على البيئة
نظمت الدولة حملات توعية التي تهدف إلى منع حرق قش القمح والمخلفات الزراعية عموماً، وتعريفهم كيفية إستغلال القش كعلف للحيوانات أو أسمدة عضوية، وتوعيتهم لمخاطر الحرق والذي من الممكن أن تصل إلى دمار شامل، والذي تجعل حياة الإنسان في خطر.
جهود وزارة البيئة و الزراعة
تعمل وزارة البيئة والزراعة جهوداً كبيرة لمعالجة المشكلة، حيث تعمل على توفير المعدات لجمع القش مثل آلات الكبس والفرم، وأيضاً يتم أعادة تدويره والذي يحقق فوائد إقتصادية وبيئية وتعمل أيضاً في تطبيق قوانين صارمة لمنع حرق المخلفات الزراعية.
يمثل حرق قش القمح ممارسة وعادة ضارة تؤثر على البيئة والصحة، وهي قضية تهدد صحتنا وحياتنا وتهدد التوازن البيئي، وعلى الرغم من أن الحرق وسيلة سهلة وسريعة إلا أن هناك بدائل كثيرة وأمنة وأكثر إستفادة، ويجب توفير المساندة والدعم للمزارعين لأن حماية البيئة مسؤولية مشتركة تتضمن حياة صحية وتنمية زراعية مستدامة للأجيال القادمة.
وإن إستمرار حرق قش القمح لا يمثل فقط إهداراً لثروة زراعية، بل هو تهديد صريح لصحة الإنسان وبيئة الوطن، وبينما تشتعل الأراضي بالنيران، يبقى الأمل معلقاً على وعي المزارعين، ودور الدولة في توفير البدائل، فالحل لا يكمن في التجاهل، بل في تحويل هذا التحدي إلى فرصة، تُستثمر فيها المخلفات لتصبح مصدر نفع لا ضرر، وبداية لزراعة نظيفة تُثمر خيراً، لا دخاناً وخراباً.