تقرير – سوزان الجمال
يعد شهر رمضان المبارك من أهم الشهور لدي المسلمين في أنحاء العالم، ففي ليلة القدر الذي لا يرد فيه دعاء ويغفر الله الذنوب، وفيه نترك الخصومة والتباغض والتشاحن وتصفية القلوب من الغل والحقد والحسد تجاه المسلمين، فقد كانت الخصومة والملاحاة سبباً في رفع تعيين ليلة القدر، وقد تكون سبباً من الحرمان من العفو والمغفرة فيها.
فيبدأ شهر رمضان عند الإعلان عن بداية الشهر القمري الجديد، ويكون ذلك إما بثبوت رؤية الهلال في اليوم التاسع والعشرين من شهر شعبان، وعليه يكون اليوم القادم هو أول أيام شهر رمضان، أو في حال عدم ثبوت رؤيته يكون اليوم القادم أي اليوم الثلاثين هو المتمم لشهر شعبان وبعده يكون أول أيام شهر رمضان الكريم.
وللعشر الأواخر من رمضان عند النبي صلّى الله عليه وسلّم أهمية خاصة، فقد كانوا أشد ما يكونون حرصًا فيها على الطاعة والعبادة والقيام والذكر وغيرها مما كان يحرص عليها الأولون، وينبغي علينا الإقتداء بهم، وفي الحديث عن عائشة، رضي الله عنها قالت: “كانَ رسولُ اللهِ، صلّى اللهَ عليه وسلّم يَجْتَهِدُ في العَشْرِ الأوَاخِرِ، ما لا يَجْتَهِدُ في غيرِهِ”.
وكان الرسول صلّى الله عليه وسلّم، يخلط العشرين الأول من رمضان بنوم، فكان يقوم وينام فإنه إذا دخلت العشر الأواخر أحيا ليله كله كما تقول عائشة رضي الله عنها، والمقصود بإحياء الليل هو أحياؤه بأنواع من العبادات، أنه يقوم الليل كله ويشغل وقته كله بطاعة الله عز وجل، قياماً وذكراً ومدارسةً للقرآن ودعاءً وتسبيحاً، إلى غير ذلك من أنواع العبادات.
والدليل على أهمية العشر الأواخر هو أن النبي، صلّى الله عليه وسلّم كان يوقظ أهله، فعن عائشة، رضي الله عنها قالت: “كانَ رسُول اللَّهِ صلّى اللهَ عليه وسلّم إِذا دَخَلَ العَشْرُ الأَوَاخِرُ مِنْ رمَضَانَ، أَحْيا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَه، وجَدَّ وَشَدَّ المِئزرَ”.
فيجب أن يشجع الآباء أبناءهم على الإقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، من حيث الحرص على قيام هذه الليالي المباركة، وأداء جميع العبادات والطاعات التي يحبها الله، فالإنسان السعيد الموفق والصالح والمهدي للحق هو الذي يستغل ويغتنم العشر الأواخر بطاعة الله عز وجل كما ذُكر في الحديث: “إن لربكم في أيام دهركم لنفحات، فتعرضوا لها، لعله أن يصيبكم نفحة منها فلا تشقون بعدها أبداً”.
يتكون شهر رمضان من ثلاثين يوماً، فشهر رمضان كله رحمة ومغفرة وعفو، حيث يختار الله تعالى كل ليلة العتقاء من النار والفائزين بالجنة بإذن الله، فهنيئاً للفائزين، وإذا كان العلماء قد اتفقوا على أن رمضان هو خير الشهور وأفضلها، فإنهم قد اتفقوا أيضاً على أن العشر الأواخر منه هي أفضل ما فيه وأعظم لياليه؛ فهي الفضل والخير، ومن فضل العشر الأواخر هي ليلة القدر.
فضل ليلة القدر
وقوع ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، ويرجح أنها في إحدى الليالي الوترية، وليلة القدر، ليلة مباركة شريفة، اختصها الله عز وجل بخصائص عظيمة وميّزها بمزايا كبيرة فهي أفضل ليلة في الوجود، فعنْ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّه عنْهَا، أن رسول الله، صلّى اللهَ عليه وسلّم قال: “تَحرّوْا لَيْلةَ القَدْرِ في الوتْرِ مِنَ العَشْرِ الأَواخِرِ منْ رمَضَانَ”.
وقال الله سبحانه وتعالى، أنها ليلة خير من ألف شهر، فنجد أن ليلة القدر هي أعظم الليالي وأشرف الليالي، قال فيها الله سبحانه وتعالى في سورة القدر: إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ فِي لَيۡلَةِ ٱلۡقَدۡرِ “1” وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ “2” لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ خَيۡرٞ مِّنۡ أَلۡفِ شَهۡرٖ “3” تَنَزَّلُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذۡنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمۡرٖ “4” سَلَٰمٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطۡلَعِ ٱلۡفَجۡرِ “5”.
فليلة القدر هي ليلة مباركة أنزل الله فيها القرآن العظيم، فيجب على المسلمين الإجتهاد فيها بالصلاة وتلاوة القرآن والصدقة والاستغفار وذكر الله وغير ذلك من العبادات.
وقالت عائشة رضي الله عنها: “كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يجاور في العشر الأواخر من رمضان”، ويجاور تعني يعتكف في العشر الأواخر من رمضان رجاء حصول هذه الليلة ليقومها ويجتهد فيها، ويقول: “تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان”.
ولا شك أن من قام الليالي العشر أدرك هذه الليلة لأنها لا تخرج عنها، ولكن الصواب أن موعدها يتنقل، فقد تكون في إحدى وعشرين وقد تكون في ثلاث وعشرين وقد تكون في خمس وعشرين وقد تكون في سبع وعشرين، وقد تكون في آخر ليلة، ليلة التاسع والعشرين فهي متنقلة ولذلك على المسلم أن يجتهد في العشر الأواخر جميعها حتى يدركها.
ويستحب لمن أدرك هذه الليالي أن يكثر من قوله: “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني”؛ لأن النبي، صلّى الله عليه وسلّم قال لعائشة لما سألته ماذا أقول؟ قال: قولي: “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني”.
الأعمال المستحبة في العشر الأواخر من رمضان
ومن الأعمال المستحبة في العشر الأواخر من رمضان، فرصة لكل مسلم للتقرب إلى الله وطلب العفو والمغفرة والعتق من النار، كما أنها فرصة لإجابة الدعاء، ومن أفضل الأعمال في العشر الأواخر من رمضان.
التهجد
كثرة التهجد وإحياء الليل كله بما تيسر من صلاة وذكر وقراءة قرآن وتسبيح ودعاء واستغفار، ثم أن قيام الليل وقراءة القرآن الكريم، حيث يتميز قيام الليل بفضله العظيم وخاصةً في العشر الأواخر من شهر رمضان، وقد كان النبي، صلّى الله عليه وسلّم يحث الصحابة على قيام الليل لما له من فضل عظيم في زيادة الحسنات ومغفرة الذنوب والمعاصي، ورفع الدرجات وتطهير القلوب ونيل منزلة عظيمة في الدنيا والآخرة.
كما يعد شهر رمضان هو أكثر شهر يستحب فيه الإكثار من تلاوة القرآن، وذلك لما له من أهمية كبيرة في مضاعفة الثواب والأجر، عن ابن مسعود، رضي الله عنه قال: “قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مَنْ قَرَأ حَرْفاً مِنْ كِتاب الله فَلَهُ حَسَنَة، والحَسَنَة بِعَشْرِ أمْثَالِها، لا أقول: ألم حَرفٌ، ولكن: ألِفٌ حَرْفٌ، ولاَمٌ حَرْفٌ، ومِيمٌ حَرْفٌ”، وبذلك تتضاعف وتزيد الحسنات عند تلاوة القرآن في شهر رمضان الكريم، ولا سيما في الليالي العشر المباركة.
الاعتكاف
ومن الأعمال المستحبة في العشر الأواخر من رمضان أيضاً هو الاعتكاف، فعن عائشة رضي الله عنها: “أن النبي، صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده”، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يداوم على الاعتكاف في هذه الليالي حتى توفي، والاعتكاف هو التفرغ الكامل للعبادة وتزكية للنفس، عن الانشغال بغير الطاعات والعبادات أي بالأمور الدنيوية.
الدعاء
ومن أهم العبادات في العشر الأواخر من رمضان هو عبادة الدعاء، فالدعاء يُمكن أن يُغير القدر خاصةً عند الإلحاح في الطلب والدعاء بيقين بأن الله تعالى سيستجيب في الوقت الذي يراه مناسباً إليك، مع العلم أن ليس للدعاء صيغة محددة، ولكن يدعو المسلم ربه بكل ما يرجوه وبأي لغة.
الصدقة
ويجب إلى الإكثار من الصدقة، وذلك لأن الإنفاق في سبيل الله يعد من أفضل الأعمال التي يمكن أن يقوم بها المسلم خاصة في العشر الأواخر من شهر رمضان، فهذه العبادة تقرب قلوب الناس من بعضهم وتمنع الحسد، وتطهر النفوس من الشح والبخل، وبالطبع يخرج المسلم زكاة الفطر قبل صلاة العيد.
الذكر
ويفضل في هذه الأيام المباركة، أن يذكر العبد ربه في كل وقت وحين لتحصين النفس من كل مكروه، ويكثر من التهليل والذكر والتكبير والتسبيح في العشر الأواخر من رمضان، والذكر له فضل عظيم على نفس المسلم وراحته وإنزال السكينة على روحه، واستشعار معية الله سبحانه وتعالى في كل وقت.
أهم دعاء في العشر الاواخر من رمضان
يعد أهم دعاء في العشر الاواخر من رمضان “اللهم انك عفو تحب العفو فاعفو عنا” عن السيدة عائشة رضي الله عنها، وقال العُلماء إنّ سبب هذا الدعاء سؤال عائشة رضي الله عنها، للنّبيّ محمد -عليه الصلاةُ والسلام، عن الدُّعاء الذي تدعو به إذا أدركت ليلة القدر، فقال “اللّهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا”
ومن أدعية رمضان عن ابن عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله” اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي فِيهِ إِلَى مَرْضَاتِكَ دَلِيلًا، وَلَا تَجْعَلْ عَلَيَّ فِيهِ لِلشَّيْطَانِ سَبِيلًا، يَا قَاضِيَ حَوَائِجِ السَّائِلِينَ”، اللهم إني أسألك حسن الصيام وحسن الختام، اللهم لا تجعلنا من الخاسرين في رمضان، واجعلنا ممن تدركهم الرحمة والمغفرة والعتق من النار.
دعاء اللهّم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا اللهم فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا برحمتك شر ما قضيت، إنك تقضي بالحق ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت، واللهم اجعل اسمي من السعداء في رمضان يا أرحم الراحمين يا الله.
ودعاء أيضاً اللهم إنك حسبي ووكيلي وقوتي وضعفي، اللهم أنك أنت جابر كسري وانت من يطيَب جرحي، لا تجعل حاجتي بيد احد من خلقك واكفني بك، واللهم اجعل لى فيه إلى مرضاتك دليلا، ولا تجعل علىَ فيه للشيطان سبيلا، يا قاضى حوائج السائلين، اللهم اجعل هذه الليلة بداية لكل خير، ونهاية لكل شر، والطف بنا يا مولانا.
ودعاء اللهم مع هذه النّفحات المُباركة برحمتك، نسألك من برحمتك التي وسعت كلّ شيء، أن تجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا، وجلاء همومنا، وشفاءً لأسقامنا، وأن تجعلنا من عبادك الفائزين المقبولين في شهر رمضان المُبارك، ياالله يا مَن لا تَردُّ سائلًا، ويا من لا تُخيّب للعبدوسائلًا أسألك بحقّ أسمائك الحُسنى أجمعين،، أن تغفر لنا ما تكدّس من الذّنوب، وأن تُكرمنا لما فيه الخير لنا، في الدّنيا ويوم نلقاك يا أرحم الرّاحمين.
وهن أهم الادعيه اللهم اغفر لنا ذنوبنا وتقبل منا أعمالنا في هذا الشهر الكريم خالصةً في سبيلك يا رب العالمين، اللهم اغفر لنا خطيئاتنا يوم الدين وحاسبنا يوم القيامة حسابًا يسيرا، وأورثنا بفضلك جنات النعيم، واللهم قنّعنا في هذه الدينا بما قسمت لنا من الرزق الحلال، وبارك لنا فيه، واخلف علينا في كلّ غائبةٍ خير يا لطيف يا خبير، اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، فجنبها يا ربنا المنكرات من الأخلاق والأهواء والأعمال والأداء.
وكما قال العلماء أن اهم وافضل ما في العشر الاواخر من رمضان وهو وجود ليلة القدر في إحدى الليالي الوترية، حيث ورد في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان”، وقيل إنه من الأفضل تحري ليلة القدر في الليالي الفردية في رمضان.