تحقيق – مريم محمد
أختلفت الأسباب والنتيجة واحدة، ألا وهى “الكذب”، ومن هنا انطلقت المشكلة وهي هل الكذب فعل إرادي من الإنسان أم مرض، وذلك لأنه يعتبر من أهم المشكلات التي تفقد الثقة في الشخص بجانب المشكلات الكارثية التي يمكن أن تنتج عنه، ومن هنا كان المنطلق لكشف تفاصيل وكواليس أكثر عن تلك الآفة المجتمعية ووضع حلول لعلاجها باسهل طريقة.
آراء المواطنين حول هذه الظاهرة
يقول “مصطفى محمد”: أن الله سبحانه وتعالى يحب الصدق، لقوله في القرآن الكريم “ومن أصدق من الله قيلا”، وأنه لا يكذب إلا الضعيف، مضيفاً أن الكذب فعل واعي وإرادي لكن مع الإعتياد والتكرار يصبح وكأنه أمرًا عاديًا وطبيعيًا، وهناك كذب لدفع الخداع والخيانة، وهو كذب قاتل ومدمر ويهدر إنسانية وشرف الإنسان.
وأضاف “محمود خالد”: وهناك كذب على الذات أو خداع للذات، وهو من أخطر أنواع الكذب، عمومًا لا أحد ينجو من الكذب، وفي المجتمعات القمعية والكابتة والمختلفة، والفقيرة تتزايد مساحة الكذب، لأن اعتادت لديهم هذه الظاهرة.
وإختتم “محمد حسين”: لو كان الكذب ينجي فالصدق أنجى، وأن الكذب مهلكه، وإذا دخل الكذب بين حياة الناس وبعضها البعض لانعدم الاستقرار بين الناس.
رأي الطب النفسي حول هذه المشكلة
يقول الدكتور “عاطف الشوبكي” طبيب نفسي: “الكذب آفة عظيمة، فيكفي ماورد فى الحديث الشريف أيكون المؤمن جبانًا؟ قال نعم، أيكون المؤمن بخيلًا؟ قال نعم، أيكون المؤمن كذابًا؟ قال : لا”، “صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم”.
لأن الإنسان لا يستطيع تقبل الحقيقة والواقع المشاهد أو نتائج صدقه، فيلجأ إلى تزييفه، وتبريره أو نفيه بالكلية، ويكذب عندما لا يجد القدوة والتربية التي توضح له أهمية الصدق، فيلجأ إلى التقليد ويكذب، لأنه لا يدرك خطورة نتائج كذبه.
هل الكذب مرض نفسى أو طبيعة في الإنسان
ليس الكذب شيء طبيعي في الإنسان، بل تكوين الإنسان، مهيئ لأن يكون صادقًا أو كاذبًا وإختيار أحدهما يرجع لشخصيته وتربيته وثقافته.
هل الكذب مرض نفسي
يكون الكذب عرض مشترك لأمراض نفسية عدة، لكنه عمومًا، يعكس شخصية ضعيفة وهشة أمام الضغوط يقول المرحوم خالد محمد خالد: “إن الكذب يلغى الأنا” والأنا هى الجزء من النفس الذى يتعامل مع الواقع ويعالجه.
ويحاول تحقيق رغباته بما يتناسب مع البيئة المحيطة والثقافة السائدة والأنا هى الجزء من النفس الذي يتعامل مع الواقع ويعالجه ويحاول تحقيق رغباته بما يتناسب مع البيئة المحيطة والثقافة السائدة، أى أن الكاذب كأنه ميت غير حى لأنه لا يقول ما يشاهده فكأنه غير موجود.
الحلول الممكنة لحل مشكلة الكذب
حل المشكلة يأتي على مناحي عديدة، فكريًا أهمية الصدق وعاقبته الحميدة وأن لم ترى في الأفق القريب، القدوة التعلم من النماذج الصادقة في حياة الشخص وفي التاريخ، التدريب على تأكيد الذات حتى لو خسر الإنسان فأن تخسر بشرف خير من مكسب رخيص.
لكن هناك فرق بين الصدق والوقاحة أوالحماقة إن جاز التعبير فلا بد من مقارنة المقدمات بالنتائج، وهذا ما جعل هناك تلاث أمور يباح فيها الكذب، كالصلح بين المتخاصمين، كذب الرجل على امرأته، الكذب لنجأة من الظلم الشديد الذي يخلف نتائج كارثية، على الآخرين عمومًا، ليس هناك ما يسمى كذب أبيض.
اختلاف أنواع الشخصيات وعلاقة الموروثة بالكذب
الشخصية السيكوباتية
يبرع السيكوباتي بالخداع واستغلال الآخرين، لتحقيق أهدافه الشخصية بأنانية حتى لو كان ذلك على حساب نجاح الآخرين ووجودهم، ويزداد الأمر خطورة مع قدرته على تبرير أفعاله؛ إذ يلجأ إلى الكذب باستمرار، لتغطية سلوكه الخاطئ والخروج من أي مأزق، كما يجيد صياغة رواياًت وأكاذيب مُختلفة تتناسب مع المواقف التي يُواجهها دون أي شعور.
الشخصية الهستيرية
يكذب هؤلاء الأفراد كثيرًا لجذب الانتباه، وفي الحالات الشديدة، قد تتكرر أكاذيبهم لدرجة تشبه الكذب الزائف، غالبًا ما يشير سلوكهم السطحي والدرامي، وسلوكهم الدائم لجذب الانتباه إلى تشخيص إضطراب الشخصية الهستيرية.
الشخصية الحدية
يكون الكذب بدون سبب أو فائدة حقيقية ويمكن أن يكون موجودًا في بعض اضطرابات الشخصية، من المفارقات أن عواقب الكذب وخيمة بشكل خاص على الشخص المصاب باضطراب الشخصية الحدية، فالكذب يضر بالعلاقات التي يخشى فقدانها، ويميل إلى تخريب العلاقات التي يخشى بشدة فقدانها.
ويعد الكذب المرضي أو مرض الميثومانيا من الاضطرابات النفسية المبهمة، والتي تتشابك وتتداخل مع مشاكل وإضطرابات نفسية أخرى، حيث لا يتعامل الطب النفسي وعلم النفس مع الكذب القهري بوصفه اضطرابًا مستقلًا يمكن تشخيصه وعلاجه بشكل منفرد، بل يصنف الكذب المرضي عرضًا مصاحبًا لإضطرابات ومشاكل نفسية أخرى، مثل إضطرابات الشخصية وإضطرابات الهوس.
ما حكم الكذب في الإسلام
ويعد الكذب كبيرة تجر صاحبها والعياذ بالله إلى النار، كما في الحديث المتفق عليه: ” إن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابًا”، ويؤدي إلى اللعن والطرد من رحمة الله قال تعالى: “قتل الخراصون” أي لعن الكذابون، وقال “إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب” وهو من خصال أهل النفاق.
وأن الكذب يعتبر من العواقب التي تواجه الإنسان، فهو في الأصل فعل يقوم به الإنسان، ويعتبر الكذب ليس مرضًا بل يبدأ كفعل إرادي نابع من الإنسان.