قصه قصيره بقلم تحية محمد
زوج يحب زوجته جداً جداً ،ومن كثرة حبه لها، وغيرته عليها، لا يريدها تكلم أي شخص ،ولا أي شخص يكلمها ولا يلمسها.
قال انه سيجعلها تاج على راسه ،وفعلا وضعها تاج فوق راسه، ومضى في حياته والدنيا شغلته، ونسي ان فوق راسه تاج ،ذاهب وراجع به في كل مكان، والناس تشاهده بالتاج تنبهر، و تحسدهم سويا هو وزوجته.
فضلت زوجته التاج فوق رأسه، تشاهد الدنيا من فوق فقط، ولا يوجد شخص تكلمه، ولا شخص يكلمها ،كل ما الملل يتمكن منها، تنقر له فوق رأسه ،تفكره انها موجودة، ومحتاجة اهتمامه، وكلامه وحنانه.
أحيانا يكلمها ،وأحيانا يعتذر لها، بأنه مش فاضي ولا ثانيه .
مرة تلو الأخرى كرامتها انجرحت، من كثرة طلب الاهتمام بها ،كلمته كثيرا أنه ينزلها من على راسه، ويجعلها جنبه، وفي حضنه، بس مفيش فايدة .
استسلمت الزوجه لليأس، وهدر الكرامة ،وظلت ساكتة، لا تنقر على رأسه ، ولكن الزوج إنشغل عنها،ولا يعرف ان المحب لما يسكت عن العتاب واللوم لحبيبه،رصيده من الحب ينقص ، ولما كمان لا ينتبه لذلك ، رصيده ينفذ بسرعة.
فضلت الزوجة الوردة والتاج، تذبل يوم ورا يوم، ينزل عليها مطر وتراب ولا احد يحمل عنها، ولا يزيل عنها الغبار، إلى أن التاج بدأ يصدأ من خارجه ،وتعب جدا من داخله .
وفي يوم من الأيام ،والزوج ذاهب وحامل تاجه فوق رأسه ،الوردة التاج شاهدت شجرة، عليها عصافير كلها حياة وأمل، ورفرفة ونشاط.
شعرت بروح حلوة، مفتقداها تمنت لو تعيش وسطهم ،ظلت تراقبها في الذهاب، وفي الإياب تبتسم لهم، ويبتسموا لها تشاور لهم و يشاوروا لها .
وكل ما تعدي عليهم يترجوها تفضل وسطيهم ،ولو شوية لان الألفة بينهم مكنتش شوية، وهو تحت مش واخد باله، من اللي بيحصل فوق راسه من كتر انشغاله.
وفي يوم من الأيام ،وهو معدي تحت الشجرة ،مسكت التاج غصن الشجرة، كانت بتشوف هياخد باله ولا كالعادة، مشي هو سرحان في حاله، وماله، معرفش أن التاج ترك رأسه .
الوردة التاج زعلت وحزنت جدا، ان وجودها وعدمها بالنسبه له واحد، طلعت الشجرة وعاشت مع العصافير، وقالت لنفسها خليني هنا شويه، من باب التغيير طالما هنا عش وهناك نفس العش، ولكن هنا هتلاقي حد يسمعها ،يقدرها وتحس انها بجد فرقت مع حد.
ويوم يلو يوم حبتها العصافير، وكانوا يسمعوا حكايتها ب إنصات، واهتمام ويصقفوا لها انبهار، وكانت حلوة اللسان، خفيفة الظل، أسرت الكل.
وهو في غفلته ،الناس نبهته.
فين مراتك وتاج رأسك ، من مدة مش باينة علينا، ليه شلتها من فوق رأسك ،دي كانت زينتك ووقارك.
هو حط يده فوق رأسه ،لم يجد تاج رأسه ،قلبه تعب ،وذهب للبحث عنها ،حتى رآها وسط مملكة العصافير، والكل بيها من الفرحة سعيد ،
رجع بها،ثم عاتبها على بعدها ،حاولت تبرر لا تجد كلام.
ظل يبكي أمامها دموع الندم ،ظلت لا تتكلم ،لا تبرر ولا تلومه، نظر إليها وجدها واحدة تانية، أكل عليها الزمن وشرب وغير كل حاجة فيها،
حاول يلمسها وجدها هشة من الصدأ،
مسح عليها بقطعة بالراحة من بره، وهو حد عارف ايه اللي جوا ،وحطها فوق رأسه ،بعد ما أخد منها العهود، انها لا تتركه، وظهر لها ندمه على إهماله لها.
وفي اول أيامه بعد عودة التاج، حاول يكون دايما مهتم ،ولكن للأسف لم يشعر بالأمان، ولا هي رجعت زي زمان .
وكل واحد داخله حكايات، وساكت بس أمام الناس، التاج وصاحبه سوا في كل مكان زي زمان .
ورجعت ريمه لعادتها القديمة وهو انشغل بالحال والمال ، بس كل شويه يبص فوق، يشوفها بتكلم العصافير ولا بالعهد باقية.
من واقع قصتي هذه أن الإهمال يقتل كل جميل .
كل زوج يهتم بتاجه ،الزوجة مثل الوردة محتاجه تسقيها ،تمسح ورقها من الشوائب وتنقيها.