تقرير – وفاء العسكري
يعتبر مسلسل مليحة واحدًا من أكثر الأعمال الدرامية المميزة في شهر رمضان، وذلك لأسباب عديدة، ومنها القضية الكبرى التي يناقشها وهى “القضية الفلسطينية”.
وتشهد زخمًا كبيرًا بسبب العدوان المتواصل على غزة، وازدياد عدد الشهداء في فلسطين، كذلك بسبب الإنتاج المميز للعمل واختيار الممثلين، إذ يشارك في بطولته دياب، ميرفت أمين، الفلسطينية سيرين خاس، أمير المصري، وغيرهم من الفنانين.
مسلسل مليحة
حيث تعرضت الحلقات الأولى من العمل للعديد من المواقف التاريخية، وأشارت إلى العديد من الشخصيات المهمة المؤثرة في تاريخ المنطقة، سواء من الجانب الإسرائيلي وعصاباتهم، وأفكارهم السوداوية مثل “هرتزل”، أو رجال المقاومة البواسل مثل عز الدين القسام.
ويُعد هذا تأكيدًا على تأثير الدراما الهادفة، التي تنفذها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، إذ تحرص دائمًا على اختيار الموضوعات التي ترفع الذوق، والوعي العام بجانب تسليط الضوء على ما تقوم به مصر تجاه القضية الفلسطينية عبر التاريخ.
بالإضافة إلى كشف حقائق تاريخية قد تكون غائبة عن كثير من الأجيال السابقة، وتوضيح الرؤية بشكل كامل لدى الأجيال الجديدة، تجاه قضية قومية عميقة في جذور المصريين، وهى القضية الفلسطينية.
أغنية أصحاب الأرض
وعقب عرض الحلقة الأولى كانت هناك مفاجأة جديدة، وهى التتر الذي جاء بعنوان “أصحاب الأرض” غناء الفنانة أصالة، مصحوبًا بالترويدة للفلكور الفلسطيني، وفن الترويدة نوع من الفلكلور الفلسطيني.
وكتبت كلماته لتبدو مشفرة غير مفهومة، لكن في حقيقة الأمر أن تلك الكلمات غير المفهومة، هى لغة تم اختراعها حتى لا يستطيع المستعمر البريطاني، الذي يفهم بعضًا من اللغة العربية التقاطها، خاصة أن كان الأمر يتعلق بتمرير رسائل خاصة بين المعتقلين وأهلهم.
شفرة فلسطينية
واستمر التعامل بهذا اللغز حتى بعد النكبة، وإلى الآن يوجد كثير من سكان المخيمات، لا يزالون يجيدون التحدث بتلك اللغة بطلاقة، وتفاعل ملايين الرواد على مواقع التواصل الاجتماعي مع أحداث المسلسل، إذ قام المتابعون للمسلسل بنشر مقاطع من الأحداث، والصور التي دارات حولها الحلقة الأولى.
ويتكون المسلسل من 15 حلقة كتبتها رشا عزت الجزار، وتناولت حلقاته الأولى تاريخ الاحتلال الصهيونى لفلسطين، وجاء ضمن أحداث الحلقة الأولى تاريخ الشعب الفلسطيني بين الاحتلال البريطاني “الانتداب البريطاني”، ومن بعده الإسرائيلى نتيجة وعد بلفور.
بداية زحف الإنجليز على فلسطين
وبدأ الإنجليز في زحفهم، فاحتلوا بئر السبع يوم 31 أكتوبر 1917، وفي 17 نوفمبر من العام ذاته احتلوا غزة، ثم انطلقوا صوب يافا والرملة، واحتلوهما بسهولة أيضًا، بعد ذلك قرر الجنرال ألنبي الزحف صوب القدس، وحاول الأتراك “الدولة العثمانية”، مقاومة تقدم الجيش البريطاني.
وقطع الطريق بكل السبل الممكنة، وفي النهاية دخلت القوات البريطانية، بقيادة الجنرال ألنبي مدينة القدس محتلة، المدينة التي ظل العثمانيون يسيطرون عليها مدة 400 سنة كاملة “1517- 1917″، وهناك أعلن ألنبي بيانه الأول الشهير الذي فرض فيه الأحكام العرفية.
الثورة الفلسطينية 1936
وتضمن السرد الدرامي لمسلسل مليحة الإشارة إلى الثورة الفلسطينية الكبرى، والتي وقعت أحداثها فى سنة 1936، ضد عصابات الاحتلال اليهودية، التي راحت تغزو أرض فلسطين، وتسعى لاحتلال أرضها، وهى الثورة التي تمثل محطة بارزة في حركة النضال الوطني الفلسطيني، ضد الصهيونية والاستعمار البريطاني منذ أواخر القرن التاسع عشر.
وتُعد نقلة نوعية في توجهات هذا النضال بعد حالة الوهن العام، والتي اعترت الحركة الوطنية الفلسطينية، في أعقاب هبة البراق عام 1929، حسبما ذكرت وكالة “وفا”، وسلط العمل الذي يخرجه عمرو عرفة، الضوء على واحدة من أبرز انتفاضات الأقصى هى انتفاضة 2000.
وتعرف بـ”انتفاضة الأقصى” التي استمرت نحو 5 أعوام، لتبدأ داخل الأراضى الفلسطينية في عام 2000، وتنتهى بهدنة في قمة شرم الشيخ، جمعت بين الرئيس الفلسطيني المنتخب محمود عباس، ورئيس الوزراء الإسرائيلى آرئيل شارون عام 2005.
الانتفاضة الثانية 2000
واندلعت شرارة الانتفاضة الثانية في 28 سبتمبر 2000، حيث قام زعيم حزب الليكود آرئيل شارون، بزيارة باحات الحرم القدسي الشريف، محاطًا بألف شرطي، وردًا على هذا الاستفزاز، اندلعت في اليوم التالي عدة مظاهرات فى أحياء مدينة القدس المحتلة.
وتصدت لها الشرطة الإسرائيلية، ما أسفر عن مقتل سبعة شبان فلسطينيين، وهو ما شكّل بداية أحداث “انتفاضة الأقصى”، حيث كان كان الانجليز عونًا لليهود في تحقيق مآربهم، وقاموا بتدريبهم خلال فترة الانتداب ومدهم بالسلاح.
وكلما انسحبوا من منطقة في عام 1948 ميلادي سلموها إلى اليهود، وانتهت هذه الفترة من عام 1948 ميلادي، والتي سميت بنكبة عام 1948 باحتلال اليهود لمعظم أراضي فلسطين، وتهجير مواطنيها باستثناء غزة والضفة الغربية، ومدينة القدس الشرقية.
فاستعد اليهود لهذا اليوم واستوردوا العتاد والسلاح، وأقاموا المعاقل تحت سمع وبصر البريطانيين، بل وبدعم منهم، كما أن البريطانيين مع إنهاء انتدابهم سلموا لليهود مدينة حيفا، ومع انتهاء الانتداب كانت بداية النكبة فى 15 مايو 1948.
دخول العرب فلسطين
واتفقوا العرب على دخول فلسطين بجيوشهم حال انسحاب البريطانيين، ليعيدوها إلى أهلها ويخرجوا اليهود، على أن سياسة العرب في هذه المسألة المصيرية الخطيرة كانت متخاذلة، حيث كانت الجيوش العربية ينقصها العتاد والسلاح، والقيادة الصالحة الموحدة، والتعاون الحقيقي مما أدى لهزيمتها أمام شراذم اليهود المنظمة والمترابطة.
وذلك على أن الجيش المصري قد أدى واجبه كاملًا، وبرهن على بطولته في ميدان القتال رغم نقص السلاح، والمؤن وافتقاد الخطط الحربية، وقد أبدى المتطوعون من المصريين شجاعة في القتال، وبقى أن نذكر أنه قبل انتهاء الانتداب البريطانس بيوم واحد أي فى 14 مايو.
حيث اعترفت أمريكا بالدولة الصهيونية، فكانت أول دولة تعترف بها، وهذا الاعتراف شكل نصرًا معنويًا وماديًا وحافزًا لليهود، فقد أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر 1947، القرار رقم 181 القاضي بتقسيم فلسطين دولتين: يهودية وعربية.
ونص القرار على أن ذلك مع وجود منطقة دولية تشمل القدس وبيت لحم، واقترحت الخطة بصورة خاصة دولة يهودية على أكثر من نصف فلسطين الإنتدابية، في وقت كان اليهود يشكلون أقل من ثلث عدد السكان، ويمتلكون أقل من 7 في المئة من مساحة الأرض.
أصحاب الأرض
والفلسطينيون العرب الذين شكلوا آنذاك أكثر من 70 في المائة من عدد السكان، نزل قرار التقسيم عليهم كالصاعقة، ورفضت الهيئة العربية العليا اقتراحات الأمم المتحدة، وكان المقرر عقد التصويت في الأمم المتحدة في 26 نوفمبر 1947، إلا أن مؤيدي التقسيم خشوا عدم حصول الاقتراح على أكثرية الثلثين المرجوة.
فأرجأوا التصويت ثلاثة أيام، ما وفّر وقتًا إضافيًا لممارسة واشنطن والمنظمات الصهيونية، بشكل رئيسي ضغوطًا شديدة على الدول الأعضاء، ليتم أخيرًا إقرار قرار التقسيم في نوفمبر بمجموع 33 صوتًا مؤيدًا و13 صوتًا معارضًا و10 ممتنعين عن التصويت.
ولاقى إعلان موافقة الأمم المتحدة على التقسيم إضرابًا عامًا، وتظاهرات في فلسطين العربية في هذه الأثناء، وبتشجيع من إسباغ الأمم المتحدة الطابع الدولي على قرار التقسيم، حيث سارعت المنظمات العسكرية الصهيونية، إلى شنّ هجمات على البلدات العربية والأحياء السكنية.
مصري في حب فلسطين
وفي النهاية تعيش فلسطين في وجدان كل مصري، لأن الفن الحقيقي دوره الرئيسي هو التعبير عن هموم الناس، فصارت فلسطين ومأساتها وقضيتها حاضرة فكرة وكلمة، صوتًا وصورة في شتى أنواع الفنون المصرية.
ولم تتخاذل السينما المصرية عن تقديم العشرات من الأفلام عن القضية، والمسرح تحدث عن فلسطين منذ نكبة 1948، وعلى مدار العصور ظلت الأغنية المصرية تتضامن مع فلسطين، بينما ظلت الدراما تتعامل مع القضية بشكل عابر وبسيط، إلى أن جاء الإعلان عن موسم رمضان 2024.
لنتفاجأ بعمل مثل مسلسل “مليحة” يتناول القضية بشكل كامل بالتوازي، مع أبشع عدوان تتعرض له فلسطين، حيث أن مسلسل مليحة الذي كتبته رشا الجزار، وأخرجه عمرو عرفة، ويشارك في بطولته عدد من فناني مصر وفلسطين، يحكي عن عائلة فلسطينية كانت تعيش بالقرب من ليبيا، وفي طريق عودتها للوطن فلسطين تواجه العديد من الصعوبات، ويساعدهم في رحلة العودة ضابط جيش مصري.