إنفراد – مريم ناصر
تترقب الأوضاع السياسية والإقليمية إعلان الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” عن خطة جديدة، وذلك لإنهاء الحرب على قطاع غزة، وسط مؤشرات على قبول مبدئي من جانب كلًا من “إسرائيل”، و”حركة حماس”، ما قد يفتح الباب أمام مرحلة مختلفة تشمل وقف إطلاق النار بشكل دائم، وإطلاق عملية إعادة إعمار واسعة في القطاع، وتكتسب هذه الخطة أهمية خاصة كونها لا تقتصر على وقف الحرب، بل تمتد لتشمل آلية حكم جديدة في قطاع غزة.
وفي هذا السياق، يقدم الدكتور “إياد القرا” رؤية شاملة لمستقبل الحركة، مؤكدًا أن “حماس” ليست مجرد سلطة حاكمة في غزة، بل هي كيان سياسي، ومجتمعي، وعسكري متجذر في الشعب الفلسطيني، ويرى أن وجودها لن يزول رغم الحرب، والاغتيالات، ومحاولات الإقصاء، بل ستظل فاعلة سواء في الحكم أو بدونه، وفي غزة، أو الضفة، بما يجعلها لاعبًا رئيسيًا لا يمكن تجاوزه في المشهد الفلسطيني.

الدكتور “إياد القرا” أكاديمي وكاتب فلسطيني والمحلل السياسي
يؤكد الدكتور “إياد القرا” الأكاديمي الكاتب الفلسطيني والمحلل السياسي، أن مصير “حركة حماس” يرتبط بأمرين مهمين، الأمر الأول أن حماس حركة فلسطينية ومن الصعب القضاء عليها أو إنهاؤها، حتى الإسرائيليون، والولايات المتحدة يعرفون ذلك جيدًا، وتحدث “ترامب”، و”نتنياهو”، و”ويتكوف” في أكثر من مناسبة عن استحالة إنهاء “حماس” كـ “حركة فلسطينية”، فهي جزء من الشعب الفلسطيني، و”نتنياهو”، و”ترامب” أشاروا إلى أنها حركة فازت بالأغلبية في الانتخابات التشريعية الفلسطينية.
ويرى الدكتور “إياد القرا” أن في الأمر الثاني حماس تمثل كـ “حركة مقاومة”، أنها قد تتأثر في قطاع غزة نتيجة الحرب ونتائجها، ومن الممكن ألا تبقى في موقع الحكم بقطاع غزة، وقد تتجه نحو هدنة طويلة الأمد أو مراجعة دورها المقاوم، لكن في الضفة الغربية ستبقى موجودة كحركة مقاومة، وستواصل أعمالها هناك رغم الظروف المختلفة، ويرتبط ذلك بمدى قدرة أي اتفاق على معالجة التواجد الإسرائيلي في غزة.
الكاتب الفلسطيني يوضح موقف حركة حماس بين الحكم والتوافق الفلسطيني
أوضح الكاتب الفلسطيني أنه في حال بقي الاحتلال الإسرائيلي داخل قطاع غزة لفترات طويلة، فمن الصعب أن تقبل “حركة حماس” بذلك، وستواجه هذا الوجود بكل الطرق الممكنة، وهذا يشبه ما حدث قبل عام 2005 حين أعادت حماس ترتيب صفوفها منذ انتفاضة الأقصى عام 2002، وصولًا إلى عام 2005 حيث لعبت دورًا بارزًا في مقاومة الاحتلال، وأسهمت بشكل كبير في طرده من القطاع، وهذا التاريخ يعكس قدرتها على التكيف مع الظروف.
وأشار “القرا” أن حماس أعلنت على صعيد الحكم أنها لا تريد أن تكون جزءًا من إدارة قطاع غزة، لا في شكل حكومة، ولا ضمن لجنة، أو إدارة محلية، وهي مستعدة لترك هذا الأمر للتوافق الفلسطيني الداخلي، وقد طرحت “خطة مصرية” خلال الأشهر الأخيرة بهذا الشأن، وتوصلت الحركة إلى تفاهمات أولية مع مصر حول شكل إدارة القطاع، بما يفتح المجال أمام حلول توافقية.
وأكد الدكتور “إياد” أن هذه الحركة المقاومة ستبقى تعمل بين أبناء المجتمع على الصعيد الفلسطيني، والمجتمعي، والسياسي، فهي نشطة في المجال التعليمي، والاجتماعي، والخدماتي، كما أنها كانت تعمل بهذا النهج قبل انتخابات 2006 و2007، وأيضًا شاركت في انتخابات المجالس البلدية، وتملك مؤسسات تعليمية، واجتماعية تقدم خدمات متنوعة للمواطنين، بما يضمن استمرار حضورها في حياة الناس.
الاغتيالات لم توقف حماس عن المقاومة واستمرار حضورها المجتمعي
يوضح الدكتور إياد القرا أنه على الصعيد العسكري قد يكون هناك نقاشات جديدة بشأن دورها، خصوصًا في ظل الظروف الراهنة وما أفرزته الحرب على غزة، ومع ذلك تبقى قياداتها فاعلة داخل الساحة الفلسطينية، ورغم الاغتيالات التي طالت عددًا من قادتها السياسيين والعسكريين، إضافة إلى شخصيات أكاديمية ورؤساء جامعات، وقيادات شرطية، إلا أن هذا لم ينجح في إنهاء حضورها.
وأشاد الكاتب فلسطيني بأن “حماس” ما زالت قائمة في المجتمع الفلسطيني بقوة، وهي تعمل على تقديم الخدمات للناس في مختلف المجالات، وحتى في ظل الأزمات والنزوح، نجدها حاضرة في مراكز الإيواء، وتساعد النازحين بما تستطيع تقديمه من إمكانيات، كما أنها تواصل إدارة شؤون المواطنين اليومية، وتدير ملفات الصحة، والطوارئ، والخدمات العامة، من أجل عدم ترك أي فراغ إداري في القطاع.
ويختتم الدكتور “إياد” حديثه بأن حماس كـ “حركة فلسطينية” ستظل موجودة، مهما كانت المتغيرات السياسية، أو العسكرية، فهي ليست مجرد سلطة حاكمة في غزة بل كيان مجتمعي، وسياسي، وعسكري، تعمل في أكثر من صعيد، وتتكيف مع مختلف المراحل، وحتى إن فقدت موقع الحكم المباشر، ستظل حاضرة في الضفة وغزة، لتقدم خدماتها للمجتمع، وتواصل مسيرتها كـ “حركة مقاومة” ضد الاحتلال.