تقرير – سوزان الجمال
يُعد التوتر شعورٌ طبيعي بسبب الضغوطات المادية والعمل وغيرها من المشاكل الأُخرى التي قد يتعرض لها الأشخاص في مرحلة ما من حياتهم، ويُعد التوتر شعورًا طبيعيًا يحدث بسبب عدم القدرة على التعامل مع متطلبات الحياة وأحداثها.
كما يحدث بسبب الضغوطات المادية والعمل وأسلوب الحياة الذي يتعارض مع رفاهية الفرد، بينما يُعد التوتر أيضًا حافزًا لتجنب الأخطار والنجاة في بعض المواقف، لكن استمرارية التوتر لفترة طويلة قد تجعله حالة مزمنة يجب معالجتها.
ويعتبر التوتر المزمن وهو الذي يحدث لفتراتٍ طويلة قد تمتد لأسابيع أو أشهر، ومن أهم أسباب التوتر المزمن المشاكل الزوجية والفقر الدائم، إذ يستعصي على المريض حلها فتؤدي للتوتر المزمن، يؤثر التوتر المزمن سلبًا على وظائف أعضاء وأجهزة الجسم المختلفة أهمها القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي والجهاز المناعي.
بالإضافة إلى تأثيره السلبي على القدرة على النوم، كما قد يرفع التوتر المزمن من خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني وارتفاع ضغط الدم وقد يتفاقم أكثر ليُصَاب المريض بالنوبة القلبية أو السكتة الدماغية، وقد يؤدي إلى الانتحار.
أوضح الدكتور “جمال فرويز” استشاري الطب النفسي وأستاذ بكلية الطب جامعة عين شمس: “أنه عند الحديث عن التوتر لا يمكن إغفال “الشخصية القلقة”، وهي إحدى اضطرابات الشخصية وفق تصنيف الدليل التشخيصي الإحصائي، ولهذه الشخصية عدد من السمات تساعد على التشخيص بالإصابة”.
وأضاف”فرويز”: تتسم الشخصية بالقلق والتوتر وتكبير الأمور التافهة، التدقيق على التفاصيل، القلق من لا شيء، السعي نحو الكمال والمثالية، الميل للتنظيم والترتيب، الاحتفاظ بالكراكيب عديمة القيمة والفائدة، الحرص عند استعمال الأموال، التفكير الزائد، و”الشخصية القلقة” مكتسبة وليست وراثية، أي من البيئة المحيطة، وغالبًا من الأم وأفراد العائلة الأكبر سنّا”.
وقال استشاري الطب النفسي: “أما عن الشخصية مدمنة التوتر بأنها تفكر بشكل زائد بكل شيء، وهذا يجعلها أيضًا في حالة من عدم الراحة، وحينما تعمل فإنها لا تلتفت للراحة أبدًا، وقد تتحول هذه الشخصية لاضطراب في أية لحظة، وهي الحالة التي تصبح بها سمات هذه الشخصية تعيق الفرد عن حياته المهنية أو الاجتماعية أو الزوجية أو الدراسية”.
وأكد “جمال فرويز”: على أول ما يجب على الفرد فعلة هو الاستبصار بهذه الشخصية وسماتها وتأثيرها على حياته، فإن لم يلاحظ ذلك فتلك وظيفة من حوله من العائلة والأصدقاء أن يوضحوا له أنه يعاني من قلق وتوتر زائدين وأن لديه سمات شخصية قلقة، ثم السعي لطلب الاستشارة النفسية من المختص النفسي للعلاج”.
وأضاف”فرويز”: ويذهب إلى أن العلاج يكون عبر جلسات علاج نفسي غير دوائي من خلال جلسات العلاج السلوكي المعرفي، ولكن في بعض الحالات المتقدمة قد يضطر الطبيب لوصف علاج يخفف من الأعراض حتى تكون استجابة المريض للجلسات أفضل وتقدمه العلاجي أسرع.
استكمال استشاري الطب النفسي: “أن التوتر مشكلة ناتجة عن نقص في مهارات التكيف والمرونة، وتتفاقم الحالة النفسية جراء ضغوطات حياتية أو احباطات مستمرة، وعليه تتشكل حالة من القلق والتوتر متطورة، نتيجة لعدم علاجها”.
وأشار “فرويز”: ويصف الحالة النفسية للفرد الذي لديه توتر مفرط بالقول، تزداد لديه الطاقة السلبية شيئا فشيئا، نتيجة وجوده في بيئة مضطربة أو أجواء غير صحية أو تعرضه لموقف ما، ولضعف قدرته وهشاشته النفسية تصبح لديه ردود فعل عصبية وتوتر، وحالة من عدم القدرة على ضبط الذات”.
وأضاف”جمال”: “أن الأمر قد يعود إلى الترعرع في بيئة متوترة شكلها الأب أو الأم أو كلاهما، يسود بها أجواء مشحونة بالعصبية وردود الفعل القوية، فيصبح لديه أو لديها ضعف في مهارات القدرة على التعامل مع المواقف، فيلجأ للقلق والتوتر بدل التفكير في حل المشكلة”.
وقال”الدكتور جمال فرويز”: “إن القلق والتوتر الدائمين، ويتطرق إلى أهمية معالجة الأشخاص المصابين بشدة التوتر، موضحًا في مجتمعاتنا العربية هناك حالة من القلق والتوتر الدائمين، جراء المعتقدات والأفكار السائدة، وهذا جزء مهم من تركيبة الفرد المرتبطة بالتنشئة”.
وأضاف استشاري الطب النفسي: “إلى أن الفرد يحمل مفاهيم وأفكار ومعتقدات عديدة، وتتراكم لدى البعض ضغوط على النفس لا يمكن استيعابها أو التحرر منها، وأيضًا لا يستطيع فتح روابط جديدة بحياته، وعليه يصبح لديه حالة من القلق والتوتر الدائمين”.
وأشار”جمال فرويز”: إلى أن هناك مشكلة في مجتمعنا تتمثل بعدم الإفصاح عن القلق أو التوتر، إذ يعتبره العديد ضعفًا أو “فضيحة” ضمن المعتقدات الاجتماعية، وهذا يفاقم لديه حالة التوتر جراء ما يشاهده، أو ما يحدث أمامه بالمجتمع”.
وأختتم “الدكتور جمال فرويز” حديثه قائلًا: “ينصح الشخص الذي لديه توتر عالي بضرورة التوجه لمختص سلوكي أو استشاري سلوكي، حتى يساعده في التخلص من هذه الحالة، يجب تحفيزه للنظر إلى الجوانب الإيجابية بحياته، والنوافذ التي يمكن أن يحقق بها النجاح، ويجب أن يتدرب المصاب على تغيير نقطة التركيز لديه، حتى يشتت نقطة التوتر من خلال التفاعل الاجتماعي وتكوين الصداقات مع الأشخاص الإيجابيين”.