تحية محمد تكتب
كبار السن هم بركة البيت ،والذاكرة الحية التي تنعش الماضي بما فيه من تراث وتاريخ وخبرات، وهم مصدر القيم والمبادئ المتجذِّرة في المجتمع المحلي، وملامح البيوت القائمة على نظام الأسر والعائلة الممتدة ومفهوم الترابط والتراحم.
نشأت فجوة بين كبار السن والأبناء، ما أثّر سلباً على مفهوم الترابط الأسري، وزاد من مسؤولية الآباء في إعادة بث روح هذا التواصل.
الأسرة تعد النواة الأولى التي ينشأ فيها الأفراد، حيث يتلقون تربيتهم واحتياجاتهم ومعارفهم وسلوكياتهم، وهي المؤسسة الاجتماعية الأولى التي ينمو ويترعرع فيها الطفل ،ويتعلم كل ماهو إيجابي أو سلبي.
مرحلة الطفولة تعتبر من أهم مراحل النمو في حياة الإنسان ،كونها الفترة التي تتشكل فيها شخصيته، فلا بد من استغلالها ، ومن أهمها بر الوالدين واحترام الكبير والعطف على الصغير، كما أنه يجب لزاماً على الوالدين تعليم أبنائهم هذه المبادئ من خلال طرق التعلم المختلفة.
ومن طرق التعلم تقليد الآباء الذين لا بد وأن يكونوا قدوة حسنة لأبنائهم، فعندما يرون الآباء يقومون بالتواصل ورعاية الأجداد، تتكون لديهم مدركات حول قيمة كبار السن. يجب على الوالدين تشجيع أبنائهم على زيارة أجدادهم ،والتواصل معهم لمشاركتهم ذكرياتهم، خصوصاً أنهم يحتاجون للشعور بقيمتهم وسؤالهم عن الأحداث التي مرت عليهم، وتوجد طريقة أخرى ليكتسب الأطفال القيم الحسنة، وهي ثقافة التطوع حيث إن هذا المجال يجعلهم يتعاملون مع فئات كثيرة، ومنها كبار السن.
كما أن تعزز التواصل بين كبار السن والأبناء، منها تنظيم وقت للجلوس معهم، وأن يلعب الآباء دور القدوة واختيار الموضوعات المهمة، التي من الممكن أن يتحدث عنها كبار السن والأمثلة التي يضربونها .
وكذلك الثناء على ما تعلمه الوالدان من كبار السن، ما يجذب اهتمام الأبناء ويثير شغفهم إلى مجالسة كبار السن والتعلم منهم ،ولفت إلى ضرورة العمل على جذب اهتمام الأبناء بأخذ الحكمة من كبار السن، لأنهم يمتلكون الكثير من الخبرات الحياتية، والمخزون الثقافي الذي ينقلونه للأبناء.
حاجة كبار السن لوجودهم في بيئة مطوقة بالعلاقات الاجتماعية التي تمدهم بالطمأنينة والأمان، ليشعروا أنهم ما زالوا في محور اهتمام المحيطين بهم، فعملية التواصل بين الأجداد والأبناء، لها أثر كبير على النفسية، وتقع مسؤوليتها على عاتق الآباء من خلال غرس قيم الاحترام والرعاية. كما يجب الاستفادة من تجارب الأجداد وخبراتهم الحياتية، لافتاً إلى بعض السلوكيات المشينة التي قد تصدر من الآباء تجاه كبار السن، من تعنيف أو تهميش أو ألفاظ مشينة أمام الأبناء، الذين قد ينتهجون هذه السلوكيات ويسيرون على خطى آبائهم، فيسقونهم لاحقاً من الكوب نفسه.
جديرا بالذكر أن للأجداد دوراً مهماً في الحياة الاجتماعية باعتبارهم أساس بناء الروابط الأسرية، فهم نموذج للتقاليد والقيم، ومن خلالهم تتماسك الأسر وتتضح الهوية التي لا يمكن الاستغناء عنها لأنهم يمثِّلون دور المربين والمرشدين.
فكلما كانت الأسرة مترابطة ومحبة لبعضها، كان الأحفاد متماسكين لأبعد الحوجود قواعد تحكم هذه العلاقة حتى تصبح ناجحة، يلتزم بها الأجداد والأحفاد، فكلما كانت العلاقة مبنية على التواصل النفسي والاجتماعي، كانت للجد المكانة والسلطة والعطاء، وكلما اضطربت العلاقة بين الآباء والأجداد، أثر ذلك سلباً على العلاقة مع الأحفاد.
لا بد من وجود تكاتف ووعي من قبل الأسرة في كيفية توثيق علاقة الأبناء بأجدادهم وتجديد العلاقة فيما بينهم، انطلاقاً من فكرة استشعار أهمية التواصل، وأن حرص الآباء على السكن مع أحد الوالدين أو كليهما.