إنفراد – إيمان أشرف
في الوقت الذي يظل فيه امتلاك سيارة حلمًا بعيد المنال لكثير من المصريين، تزداد التساؤلات حول منظومة الجمارك التي تفرضها الدولة على السيارات المستوردة، وبين التعقيدات التي يمر بها المواطنون، وارتفاع التكاليف، والقيود المفروضة على بعض الفئات، ظهرت طرق بديلة، وملفات تثير الجدل مثل السيارات الكهربائية، وسيارات ذوي الاحتياجات الخاصة.
ويخلط الكثير من المواطنين بين السيارات المجمركة والسيارات غير المجمركة، ولذلك جاء موقع «الأنباء المصرية» بأبسط المعلومات التي تهم رواد التواصل الاجتماعي والمهتمين بشأن السيارات، لتزويدهم بكافة المعلومات التي يودون معرفتها من قبل مجيء السيارة حتى السير بها قانونيًا في الشوارع.
تعد الجمارك المصرية هي مصلحة حكومية تابعة لوزارة المالية المصرية، تختص بتحصيل الرسوم والضرائب على السلع والبضائع التي تدخل أو تخرج من البلاد، وبشكل أكثر تفصيلًا، تعني السيارة المتجمركة أنها تم الإفراج عنها بشكل رسمي من الجمارك، أي تخليص السيارة جمركيًا، وأصبحت جاهزة للتسجيل والمرور بشكل كافٍ، وعلى عكس ذلك، السيارات غير المجمركة، التي تم استيرادها بشكل غير رسمي، ولم يتم دفع الرسوم الجمركية عنها.
وتفرض الدولة رسوم جمركية على السيارات لعدة أسباب منها حماية الصناعة المحلية، زيادة إيرادات الدولة، تنظيم استيراد السيارات، بهدف تشجيع المستهلكين على شراء السيارات المصنعة محليًا، ما يعزز من نمو قطاع صناعة السيارات في مصر، بالإضافة إلى زيادة إيرادات الخزينة العامة للدولة.
تخضع جميع أنواع السيارات للجمارك عند استيرادها لتحديد قيمة الرسوم الجمركية، بناءً على عدة عوامل، منهم سعة المحرك، نوع السيارة “خاصة، نقل، شركة”، سنة الصنع، منشأة السيارة، وبعض الشروط الخاصة مثل سيارات ذوي الاحتياجات الخاصة.
سيارات صديقة للبيئة.. أنواع وفئات السيارات المعفاة من الجمارك
تحصل السيارات الكهربائية على معاملة جمركية مخففة، وفي بعض الأحيان تحصل على إعفاءات من الجمارك، مقارنة بالسيارات التي تعمل بالبنزين أو الديزل، وذلك لتشجيع استخدام سيارات صديقة للبيئة، وتقليل الإعتماد على الوقود الأحفوري، بالإضافة لوجود تخفيضات في رسوم التسجيل والتأمين.
تعتمد الرسوم الجمركية على السيارات العادية على سعة المحرك، حيث تتراوح بين 40%، و135% من قيمة السيارة، بالإضافة إلى رسوم أخرى مثل رسم التنمية والضريبة والقيمة المضافة، وتطبق خصومات على السيارات المستعملة حسب موديلها وسنة الصنع، بحيث تمنح خصومات إضافية للسيارات الأقدم بحد أقصى 50%.
وقد تصل الرسوم الجمركية لسعة المحرك حتى 1600 سي سي، إلى 40% من قيمة السيارة، بالإضافة إلى ضريبة الجدول 1%، ورسوم التنيمة لـ 3%، وضريبة القيمة المضافة لـ 14%، ما يجعل إجمالي الرسوم حوالي 58%، وتصل إجمالي الوسوم حوالي 169% للسيارات ذات سعة محرك من 1600 إلى 2000 سي سي.
وتصل الرسوم الجمركية إلى ما يقرب من 187.5% للسيارات ذات سعة أكبر من 2000 سي سي، أما بخصوص السيارات ذات المنشأ الأوروبي تعفى من الجمارك تدريجيًا، حتى الوصول إلى 0%، والسيارات المستعملة تصل لخصم 5% عن كل سنة تالية لعام الصنع، وبحد اقصى 50%.
تعرف على جمارك سيارات ذوي الاحتياجات الخاصة
بينما تخضع سيارات ذوي الاحتياجات الخاصة لإجراءات خاصة، حيث يتم إعفاء هذه السيارات من الضرائب والرسوم الجمركية، وذلك في إطار شروط وضوابط التي يجب استيفاؤها للحصول على الإعفاء، وهذا بهدف تيسير حصول تلك الفئة على وسائل نقل تناسب احتياجاتهم.
وجاء شروط الحصول على سيارة ذوي الاحتياجات الخاصة كالتالي، أن تكون السيارة مجهزة طبيًا وفقًا لتقرير القومسيون الطبي، وأن تكون مسجلة باسم شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة، وألا يتم التصرف في السيارة بالبيع أو غيره إلا بعد مرور 5 سنوات على تاريخ الحصول على الإعفاء الجمركي.
أما بالنسبة لقيمة التخفيض أو الإعفاء عن سيارات ذوي الاحتياجات الخاصة في مصر، تتمثل في عدة عوامل أولهم نوع الإعاقة، حيث تختلف قيمة الجمارك لتصل إلى 20 ألف جنيه للإعاقة الطبيعية، و25 ألف جنيه لإصابات العمل، و45 ألف جنيه للإعاقات الناتجة عن الحروب.
ومن ناحية سعة المحرك، لا يسمح باستيراد سيارات المعاقين تزيد سعتها عن 1200 سي سي، حتى مع دفع الفروق الجمركية والضريبية، وقد يتم تطبيق خصومات على السيارات المستعملة المستوردة للمعاقين حسب سنة الصنع.
إطلاق مبادرات مصرية لزيادة الدخل الاقتصادي وتسهيل جمركة السيارات
تؤثر الرسوم الجمركية بشكل مباشر على أسعار السيارات المستوردة، حيث تزيد من التكلفة الإجمالية للسيارة، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها في السوق لتعويض هذه الزيادة، وذلك ما يشجع الصناعة المحلية للسيارات من خلال توفير الحماية لها من المنافسة الأجنبية، وقد تقلل الرسوم الجمركية من المنافسة في السوق، إذا أدت إلى احتكار الشركات المحلية للسوق.
ويمكن أن يؤدي إحتكار الشركات للسوق إلى انخفاض جودة السيارات المنتجة محليًا، وارتفاع أسعارها على المدى الطويل، وأيضًا يزيد دخل الدولة من خلال الرسوم الجمركية على السيارات المستوردة، حيث تعد الضرائب التي تفرضها الحكومة على السلع المستوردة جزء من إيرادات الدولة التي تساهم في الميزانية.
ويذكر أن أطلقت الحكومة المصرية في نوفمبر 2022 مبادرة “سيارات المصريين بالخارج”، لضمان تسهيل استيراد السيارات للمصريين المقيمين بالخارج مع إعفاء كامل من الضرائب والرسوم الجمركية، مقابل وديعة دولارية تسدد بنسبة 30% من الضريبة الجمركية، وتسترد بعد 5 سنوات بالجنيه المصري بسعر الصرف وقتها.
وانتهت المبادرة في أبريل 2024، لكنها تم تمديدها عدة مرات بالفترة من أكتوبر 2023 لبعض المستفيدين الجدد، وتم الموافقة على إعادة طرحها رسميًا لعام 2025، وأعلنت وزارة الهجرة أنها تدرس تجديدها، بعد استقبال مقترحات من المصريين بالخارج.
وتم الإفراج نحو 47 ألف سيارة، كناتج المبادرة، وأصدر أكثر من 264 ألف مصري بالخارج أوامر دفع، وتجاوز الإجمالي المالي من 790 إلى 1.98 مليار دولار، كودائع جمركية يتم استردادها.
ولذلك يجب التفرقة بين الرسوم الجمركية والضرائب، حيث تفرض الرسوم على دخول السلع من الخارج، أي السلع المستوردة فحسب، ويكمن هدفها في حماية الصناعة وتنظيم السوق، وتعتبر الجهة المحصلة لها، هي مصلحة الجمارك.
بينما تفرض الضرائب، أو القيمة المضافة، على استهلاك السلع أو استخدامها، وتفرض على جميع السلع المحلية والمستوردة، ويعد الهدف الأساسي منها هو تمويل الدولة وخدماتها، وتتبع الضرائب لمصلحة الضرائب بالدولة.
رئيس رابطة تجار السيارات يوضح قيمة الجمارك وتأثيرها على السوق
أكد المستشار “أسامة أبو المجد” رئيس رابطة تجار السيارات، أن يتم تحديد قيمة الجمارك حسب الشراكة مع الدول، وعلى سبيل المثال يوجد إتفاقية شراكة المصرية الإنجليزية، وتم تجديد الشراكة مع الإتحاد الأوروبي، وشراكة مع دولة المغرب إتفاقية “اغادير” ، وإتفاقية “الكوميسا”.

المستشار “أسامة أبو المجد” رئيس رابطة تجار السيارات
وذكر “أسامة أبو المجد” أن أي سيارة مرسيدس “Mercedes-Benz” من الإتحاد الأوروبي تعفى من الجمارك، ولكن بشروط، وأيضًا سيارات الرونج روفر “Range Rover”، التي يتم استيرادها من إنجلترا، تعفى من جمارك بشروط، ولذلك تأتي التعريفة الجمركية على حسب ما أقر القانون، وما ألتزمت به مصر من اتفاقيات دولية.
وأشار المستشار إلى تأثير الجمارك على أسعار السيارات، موضحًا أن السيارة التي تمتلك سعة محرك 2000 سي سي فيما فوق، توصل جماركها لـ 287%، في حين أن مثلًا في الخليج تصل الجمارك لـ 10%، والمقارنة بين 287 لـ 267 فارق كبير يجعل أسعار السيارات تزيد أكتر من ضعف، أي إذا كان سعر السيارة 10 مليون جنيه، بعد الجمارك يصبح سعر السيارة 27 مليون و800 ألف جنيه مصري.
وأوضح رئيس الرابطة أن الجمارك عنصر مؤثر في الاقتصاد المصري، ولكن هو ليس أحد الركائز الأساسية، مشيرًا إلى أن حين يود المواطنين جمركة سيارتهم، يتم إدخال أموال إلى خزينة الدولة.
ونوه المستشار “أسامة” على أن السيارات الوحيدة المعفيه من الجمارك وتكون مخالفة للشروط وترصد، هي سيارات ذوي الإحتياجات الخاصة، وذلك لأن المخالفة بتحدث بعد الإفراج، لكن السيارات الثانية لا يمكن رصد المخالفة قبل السيارة.
وعلق على وجود مواقع إلكترونية خاصة للنيابة العامة، يمكن عن طريقها، إرسال شكاوي المواطنين، للبحث عن طرق حل المشاكل التي قد تواجه، وذلك في إطار مساعدة المواطن وتقديم أفضل الخدمات، وضمان تسهيل العملية الجمركية.
تصل للحبس والغرامة.. عقوبة التهرب من جمركة السيارات
تعتبر السيارات مهربة عند دخولها إلى الدولة دون الإفراج الجمركي القانوني، أو التلاعب في أوراقها من حيث تغيير بيانات الشاسية أو الموتور، أو لم تسدد عنها الرسوم الجمركية والضريبية، أو تم استيرادها تحت غطاء كاذب، على سبيل المثال استيراد السيارة على اسم مغترب، أو ذوي احتياجات خاصة لغرض البيع.
ووفقًا للقانون المصري رقم 207 لسنة 2020، عند التهرب من الجمركة يفرض غرامة مالية لا تقل عن ضعف الضريبة الجمركية المستحقة، وقد تصل إلى 5 أضعاف أو أكثر، بالإضافة إلى مصادرة السيارة لصالح مصلحة الجمارك، أي تأخذ الدولة السيارة بشكل نهائي أو بيعها في مزاد علني.
وممكن أيضًا أن تحل عقوبة الحبس على السائق لمدة قد تصل إلى سنة في بعض الحالات، لا سيما إذا اقترنت الجريمة بالتزوير، أو التكرار، أو التنظيم العصابي، وأحيانًا يمكن أن يحرم السائق من حق الاستيراد لفترة معينة، إذا كان تاجرًا أو مستوردًا.
لا تستمع للشائعات.. تعرف على إجراءات جمركة السيارات
جاءت الشروط الأساسية لجمركة السيارات كالآتي، يجب ألا تزيد سنة الصنع عن 3 سنوات أو حسب المبادرة، ويجب إثبات ملكية السيارة لمدة لا تقل عن 3 شهور، إصدار فاتورة الشراء أو مستندات ملكية، وأن تكون السيارة صالحة للاستعمال.
وتمر إجراءات جمركة السيارة في مصر بعدة خطوات، تنظمها مصلحة الجمارك ووزارة المالية، أولها التوجه إلى المنفذ الجمركي الذي جاءت منه السيارة، ثم تقديم جواز السفر وتأشيرة الدخول أو الخروج، ورخصة السيارة من الدولة المصدرة، وشهادة منشأ، وفاتورة الشراء أو عقد البيع، وصورة من بطاقة الرقم القومي، وشهادة إفراج من وزارة الخارجية.
وبعد ذلك تقوم اللجنة الجمركية بفحص السيارة للتأكد من حالتها ومطابقة المواصفات، ويتم سداد الرسوم الجمركية والضريبية، آخذًا في الإعتبار الضريبة الجمركية حسب السعة اللترية ونوع الوقود، وضريبة القيمة المضافة حوالي 14%، ورسم تنمية حسب نوع السيارة وسعتها، وبذلك يستطيع المالك الحصول على شهادة الإفراج الجمركي، التي تثبت أن السيارة دخلت البلد قانونيًا.
بينما جاءت إجراءات استيراد أو جمركة عربية ذوي الاحتياجات الخاصة كالتالي، الحصول على قرار من القومسيون الطبي؛ لتحديد نوع الإعاقة والسيارة المناسبة، واستخراج شهادة إعفاء جمركي من وزارة التضامن بعد موافقة القومسيون، والتوجه إلى مصلحة الجمارك؛ لتقديم شهادة الإعفاء الجمركي، وسداد رسوم بسيطة جدًا مثل رسم التنمية.
وفي ظل تنوع فئات السيارات المجمركة واختلاف أنظمتها، يجب أن نمتلك وعي كامل بالقوانين والإجراءات قبل اتخاذ خطوة الاستيراد أو الشراء، وذلك حتى لا نكون فرصة يتغذى عليها الفاسدون، ومن هنا يجب فهمك لقواعد الجمركة وشروط الإعفاء، فهو سلاحك الأول لحماية حقك، وضمان ألا تكون ضحية لوعود وهمية.