جهاد عامر
تعد مصر من أشهر البلاد التي تتميز بسياحة السفاري، و ذلك بما تملكه من مناطق صحراوية و جبلية خلابة مختلفة الألوان والأشكال، بالإضافة إلى وجود العديد من الواحات الرائعة الجمال، و التي تتخلل الجبال توفر المتعة والمغامرات للسياح هواة رحلات السفاري، مما جعل سياحة السفاري تنتشر في مصر عامة وفى جنوب سيناء خاصة، وتعد رحلات السفاري في المناطق البدوية، الطريقة الوحيدة الشيقة لاكتشاف قلب صحراء سيناء، ولك أن تتخيل روعة مشهد الصخور التى تتغير ألوانها مع غروب الشمس، وما يمكن أن تشعر به من متعة و تأمل للجمال الطبيعي الخلاب، و ذلك عندما تقضى ليلة تحت السماء المرصعة بالنجوم، ومسارات رحلة السفارى تتنوع فبعضها يتجه إلى السلاسل الجبلية وأشهرها “جبال التيه” بسيناء.
اجتمع خبراء الآثار أن معالم جبال التيه بسيناء تضم ثلاثة سلاسل وهي:
جبل الراحة فى الغرب ويشرف على خليج السويس وجبل خشم الطرف في الشرق ويطل على خليج العقبة وجبال العجمة فى الوسط عند القوس المحدب.
وأكد خبراء الآثار أن هذه السلاسل تتميز بأنها وعرة ولا يمكن اختراقها إلا من خلال خمسة فتحات وهو ما يطلق عليه نقب تبدأ من الشرق بنقب الميراد والمريخي ورصاء والراكنة ونقب وطاه، وأشهرها نقب الراكنة في الطريق من مدينة طور سيناء والرملة إلى نخل ونقب المريخى فى الطريق من نويبع ودير سانت كاترين إلى نخل.
ومن جبال التيه أيضًا جبل حسن، و هو جبل صغير يقع على طريق الحج القديم قرب نخل، و تشتهر حكايته بأن أحد مماليك مصر أثناء عودته من هذا الطريق بعد الحج قد رأى بدوية رائعة الجمال تدعى “حسن”، فأخذها مع قافلة الحج العائدة وسار ورائها أخيها لإنقاذها ولما وصلت قافلة الحج إلى هذا الجبل وخلد إلى النوم، قام أخيها بإنقاذها بقطع مقود الجمل الذي يحمل الهودج وفصله عن القافلة، فاستيقظ المملوك ليرى سبب انقطاعه فبادره البدوى بضربة سيف قطع قدمه، ثم أجهز عليه وركب الجمل وعاد بأخته وأطلق على الجبل اسم أخته “حسن”.
أمّا بالنسبة لجبال التيه الشهيرة فى الجنوب فهي جبل بضيع والمنيدرة وجبل قلعة الباشا التي توجد به قلعة الجندي الشهيرة بوسط سيناء، أمّا في الشرق فأشهرها نقب العقبة، و الذي يشرف على قلعة العقبة وجبال الحمراء وهي دائرة عظيمة من الجبال في زاوية التيه الجنوبية الشرقية شمال نقب العقبة، ويذكر أنها سميت بذلك لأن لونها ضارب إلى الحمرة، وجبال الصفراء لصفرة تربتها، وجبال سويقة وجبل عريف الناقة بشكل عرف الناقة وجبل الحلال وسمي بذلك لوجود مراعى متسعة للإبل والغنم والمعروفة عند البدو بالحلال، وجبل الأبرقين جنوب غرب جبل الحلال وعلى رأسه مقام للشيخ الأبرقين يزورونه بدو التيه وعد أبو قرون وعنده قبر الشيخ خليفة جد التياها.
وأعرب الخبراء عن سبب تسمية هذه الجبال التي تعد من أهم جغرافية و تاريخ سيناء بجبال التيه أنه يأتي في الآية الكريمة حين جاء الأمر الإلهي لبني إسرائيل بدخول الأرض المقدسة، بعد رحلتهم الطويلة في سيناء من عيون موسى إلى وادي غرندل إلى سرابيط الخادم إلى طور سيناء ثم عبر وادى حبران من طور سيناء إلى الوادي المقدس طوى “منطقة سانت كاترين حاليا”، ومنها عبر عين حضرة إلى وادي غزالة إلى وادي وتير حتى اقتربوا من أبواب الأرض المقدسة وجاء الأمر الإلهي: “يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا علىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ قَالُوا يَا موسى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حتى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ.
و قبل أن يطلب نبي الله موسى من بني إسرائيل دخول الأرض المقدسة قد أرسل من قبله روادًا يتجسسون الأرض وحال أهلها، ويقول المفسرون أنهم كانوا اثنى عشر رجلًا، فرأوا من جسامة أجسام أولئك القوم ما هالهم، فلما عادوا أخبروا بني إسرائيل بما رأوا فضعفت قلوبهم ولما أمرهم نبي الله موسى بالعبور رفضوا فقدّر الله عليهم التيه بين هذه الجبال 40 عامًا، حتى فني كل هذا الجيل بالكامل حتى نبي الله موسى فقد مات في سيناء ولم يعرف له قبر، وكذلك نبي الله هارون لم يعرف له قبر والمقام المسمى باسمه بوادي الراحة لا علاقة له بنبي الله هارون، بل هو قبر رمزي.
وأمّا نبي الله موسى فقد أمره الله أن يصعد إلى جبل نبو، وينظر إلى الأرض المقدسة دون أن يدخلها ومات على هذه الأكمة ولم يعرف له قبر.