إنفراد – نسمة هاني
شهدت العاصمة القطرية الدوحة انعقاد القمة العربية الإسلامية الطارئة في أجواء مشحونة بالتوتر الإقليمي غير المسبوق، حيث اجتمع القادة لمناقشة تداعيات التصعيد الإسرائيلي في غزة والتهديدات التي طالت دولًا عربية وخليجية، وفي هذه الأجواء الملتهبة، ألقى الرئيس عبد الفتاح السيسي كلمة وُصفت بالأكثر حزمًا منذ سنوات، إذ تضمنت رسائل مباشرة لإسرائيل وللمجتمع الدولي حول مستقبل القضية الفلسطينية، وما قد يترتب على تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني.
وحذّر الرئيس عبد الفتاح السيسي من أن استمرار الاحتلال ومخططات التهجير لا يهدد فقط الفلسطينيين، بل يفتح أبواب المنطقة مجددًا على صراعات دامية، ويقوّض كل الجهود التي بُذلت على مدار عقود من أجل تحقيق السلام.
الأخطر في الكلمة كان ما اعتبره مراقبون “إنذارًا أحمر”، حين وضع الرئيس المصري إسرائيل أمام خيارين: إما الاعتراف بدولة فلسطين على حدود ما قبل 1948، أو مواجهة عربية وإسلامية قد تُعيد رسم معادلات القوة في المنطقة.
وقد لاقت هذه الرسائل صدى واسعًا في الأوساط العربية والدولية، حيث اعتبرتها بعض وسائل الإعلام نقطة تحوّل في الموقف المصري التقليدي، ورسالة بأن الصبر العربي بلغ مداه أمام “العربدة الإسرائيلية” في المنطقة.
رأي الباحث أسامة حمدي.. اتفاقية السلام مهددة
اعتبر الباحث أسامة حمدي، الباحث في الشأن الإيراني وسياسات الشرق الأوسط، أن مصر ولأول مرة منذ توقيع اتفاقية السلام في 1979 تلوّح بتجميد أو إلغائها، بسبب إصرار إسرائيل على مشروع تهجير الفلسطينيين، وهو ما ترفضه مصر بشدة انطلاقًا من دورها التاريخي وصفتها كالشقيقة الكبرى للدول العربية، وصمام الأمان للأمن القومي في المنطقة.
رسائل السيسي.. تحذير صريح لتل أبيب
وأكد “حمدي” أن كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمة العربية الإسلامية الطارئة بالدوحة تضمنت رسائل مباشرة، منها تحذيره لشعب إسرائيل من أن سياسات حكومة نتنياهو اليمينية «تقوض مستقبل السلام، وتهدد أمن مواطني الكيان، وتعرقل أي فرص لاتفاقيات جديدة، بل وتجهض الاتفاقات القائمة».
وأشار إلى أن الإعلام العبري التقط وصف الرئيس لإسرائيل بأنها “عدو”، ووضعه في سياق تهديد وتحذير بالغ الخطورة قد ينسف ما تحقق من جهود تاريخية لبناء السلام.
ورأى الأستاذ أسامة أن استهداف إسرائيل لدولة قطر، وهي دولة خليجية محايدة ووسيطة في مفاوضات حرب غزة مع مصر والولايات المتحدة، أثار غضبًا واسعًا في القاهرة، وأضاف أن استهداف الخليج لم يحدث منذ غزو الكويت عام 1990، في وقت تؤكد فيه مصر دائمًا أن أمن الخليج جزء لا يتجزأ من أمنها القومي، وهو ما كرره الرئيس السيسي بقوله إن الدفاع عن الخليج يتم “مسافة السكة”.
جرس إنذار.. المنطقة على صفيح ساخن
ونوّه باحث الشأن الإيراني، بأن استهداف قطر جاء فقط لأنها تستضيف وفد حماس المشارك في مفاوضات غزة، وهو الدور نفسه الذي تقوم به مصر عبر استضافة القيادات ذاتها؛ ووصف هذا التطور بأنه جرس إنذار خطير، يفرض على مصر اتخاذ مواقف حازمة وصلبة ضد ما أسماه بـ”العربدة والغطرسة الإسرائيلية”، لردع حكومة نتنياهو المتطرفة وحماية استقرار المنطقة.
تطورات القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة وما حملته من رسائل مصرية شديدة اللهجة، أعادت اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية إلى دائرة التساؤلات لأول مرة منذ أكثر من أربعة عقود، ومع اتساع رقعة الغضب العربي من السياسات الإسرائيلية، أصبح الموقف المصري بمثابة بوصلة تحدد اتجاه المنطقة: إما العودة إلى طاولة الحل العادل بإقامة دولة فلسطينية مستقلة، أو مواجهة مفتوحة قد تعصف بما تبقى من استقرار هش في الشرق الأوسط.
وبين الإنذارات الحمراء والتحذيرات المتكررة، تبقى الكرة الآن في الملعب الإسرائيلي، وسط ترقب عربي ودولي لما ستسفر عنه الأيام المقبلة من قرارات قد تغيّر ملامح المشهد الإقليمي لعقود قادمة.