ابتهال خيري
«حركة طالبان» وتعني بالعربية الطلبة، هي حركة قومية إسلامية سُنية سياسية مُسلحة، أسسها الملا محمد عمر الذي يعتبر “الأب الروحي لطالبان”، وتحكم حاليًا أفغانستان تحت مُسمى إمارة “أفغانستان الإسلامية”.
تأسست «حركة طالبان» سنة 1994 وهي إحدى الفصائل البارزة في الحرب الأهلية الأفغانية، ومعظم منتسبيها هم من الطلبة من مناطق البشتون فى شرق وجنوب أفغانستان الذين تلقوا تعليمهم في مدارس إسلامية، وقاتلوا خلال فترة الحرب السوفيتية ـ الأفغانية، وإستولت طالبان على العاصمة كابول فى خريف عام 1996، وأعلنت إقامة إمارة إسلامية.
وحينما وصلت طالبان إلى السلطة فى أفغانستان فى منتصف التسعينيات وحتى عام 2001، لم تعترف بها سوى ثلاث دول وهي: باكستان والسعودية والإمارات.
• هجمات 11 سبتمبر 2001 والغزو الأمريكي
لا يزال هجوم 11 سبتمبر 2001 أحد أكثر الأحداث درامية ورعبًا في القرن الحادي والعشرين ليس فقط بالنسبة للأمريكيين ولكن بالنسبة للعالم برمته، حيث تم الإستيلاء على أربع طائرات كانت تحلق فوق شرق الولايات المتحدة في وقت واحد من قبل مجموعات صغيرة من الخاطفين، وتم إستخدامها كصواريخ عملاقة موجهة لضرب مبان بارزة فى نيويورك وواشنطن.
ضربت طائرتان البرجين التوأمين لمركز التجارة العالمي في نيويورك، مما أسفر عن مقتل 3000 شخص مدني.
بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 قررت الولايات المتحدة إنتقامًا للضحايا خوض معركتها ضد تنظيم القاعدة وضد (أسامة بن لادن) زعيمها في حين الوقت.
بعد أقل من شهر على الهجمات قاد الرئيس الأمريكي (جورج دبليو بوش) عملية غزو أفغانستان بدعم من تحالف دولي للقضاء على تنظيم “القاعدة” ولإلقاء القبض على بن لادن.
ولم تتمكن الولايات المتحدة من معرفة مكان بن لادن إلا بعد مرور “عشرة أعوام” على الهجمات حيث تمكنت القوات الأمريكية من تحديد موقع بن لادن وقتله في باكستان المجاورة، وحينها أعلنت الولايات المتحدة فى 2011 انتهاء أسطورة الإرهاب بقتل زعيمهم أسامة بن لادن.
• عودة سيطرة حركة طالبان على مقاليد الأمور
بدأوا قيادات الحركة فى إعادة تنظيم صفوفهم من جديد، بدعم من المؤسسة الأمنية الباكستانية، وإستغلت الحركة وجود القوات الأمريكية في أفغانستان، لرفع شعارات مقاومة الإحتلال الأمريكي لتجنيد المقاتلين.
وفى 15 أغسطس 2021، دخلت قوات “طالبان” كابول بعد أن سقطت الولايات الأفغانية فى يدها واحدة تلو الأخرى، وتحقق لها ذلك بقتال محدود مع القوات الحكومية، إنتهى بإستسلام هذه القوات أو فرارها صوب الحدود، بل وأحيانًا سقطت بعض الولايات دون قِتال تقريبًا.
أرادت “طالبان” أن تحرم أمريكا من تحقيق إنسحاب منظَّم أو أن تنتظر إلى 31 أغسطس عندما ينتهي الإنسحاب الأمريكي، ولكنها فرضت عليها أن يكون إنسحابًا مُتسرعًا وفوضويًا، وأجبرت واشنطن على إرسال 4 آلاف جندي لحماية مطار كابول ولتنظيم إجلاء الموظفين والرعايا الأمريكيين والمتعاونين معها.
وعلى الأرجح أن المخابرات الأمريكية وأجهزة التقدير الإستراتيجي كانت على بيّنة من أن إنسحاب القوات الأمريكية والقوات الحليفة لها، سوف يؤدي إلى عودة المكانة السياسية والعسكرية لـ”طالبان”، ولكنها ربما لم تتصور أن يحدث ذلك بهذه السرعة وقبل إتمام الإنسحاب، وربما أيضًا توقعت ما حدث ولكن لم يكُن في وسعها منعه أو عرقلته.
خلاصة الأمر في المسألة الأفغانية، أن المنطقة مليئة بالصراعات والحروب، وحاجة الشعوب إلى السلام والهدوء ليست ترفًا سياسيًا أو مطلبًا تعجيزيًا، ولا أحد يستطيع أن يحسم هذه الصراعات برأي قاطع.. فقد تتَّبع “طالبان” في الشهور الأولى لحُكمها سياسات معتدلة وتصالحية لكسب ود الشعب من ناحية، وللحصول على الاعتراف الدولي بها من ناحية أخرى.. وهي على الأرجح لن تُفصح عن نواياها الحقيقية في القريب العاجل.