متابعات – إيمان أشرف
مع انتهاء ماراثون امتحانات الثانوية العامة، يبدأ الطلاب بالبحث عن اختيار الجامعة المناسبة، ومؤخرًا برز الاهتمام بالجامعات الأهلية، كـ أحد البدائل القوية التي تلقى إقبالًا متزايدًا، لما توفره من تعليم حديث، وشراكات دولية تتماشى مع متطلبات سوق العمل، وتفتح آفاقًا واسعة للمستقبل.
وفي بداية الأمر تم إنشاء أول جامعة أهلية مصرية باسم “الجامعة المصرية” في 21 ديسمبر، كانت نتيجة لحركة وطنية تهدف إلى إنشاء تعليم وطني بمساهمات من الشعب المصري، حيث تم جمع التبرعات من المصريين لإنشائها، وتم تغير اسمها إلى “جامعة فؤاد الأول” ثم إلى “جامعة القاهرة”، وتم تحويل الجامعة من أهلية إلى حكومية.
وفي ظل تزايد عمليات البحث عن الجامعات الأهلية في مصر، حرص موقع «الأنباء المصرية» على تقديم محتوى شامل، يُلبي اهتمامات متابعينه، وبذلك سنسلط الضوء على كل ما يتعلق بهذه الجامعات التي أصبحت محط اهتمام شريحة طلاب الثانوية العامة وأولياء الأمور.
الجامعات الأهلية بديل السفر خارج البلاد
تعد الجامعة الأهلية نوع من المؤسسات التعليمية غير هادفة للربح، لكن هدفها تقديم تعليم بجودة عالية، وأنشئت تلك الجامعات بموجب قرارات جمهورية لتكون نموذجًا تعليميًا، يجمع بين الجودة الأكاديمية، والمرونة في البرامج، والتكلفة المعقولة للدخل المتوسط، وتدار من خلال مجلس أمناء يتولى الإشراف على سياساتها العامة، وتقدم شهادات معترف بها.
وتضم الجامعات الأهلية كافة التخصصات، تخضع جميعها إلى قانون تنظيم الجامعات الخاصة، حيث يتم إدارتهم من خلال مجلس الأمناء، ويضم خبراء وأكاديميين يشرفون على سياسات الجامعة، وتسهم في تخفيف الضغط على الجامعات الحكومية، من خلال توفير بدائل تعليمية للطلاب، فهي تسعى لتقديم تعليم عالي الجودة بتكلفة مناسبة للطلاب، ويتم وضع تلك المناهج بالتعاون مع الهيئات المحلية والأجنبية، لضمان جودتها ومواكبتها لمتطلبات سوق العمل.
وتعمل على عقد اتفاقيات مع جامعات أجنبية، بالإضافة إلى إمكانية منح شهادات مزدوجة أو برامج مشتركة، حيث تقدم تخصصات جديدة وحديثة تخدم سوق العمل المحلي والدولي، مثل الذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، والطاقة المتجددة، والتكنولوجيا الحيوية، تقدم بعض الجامعات نظام الساعات المعتمدة، بالإضافة إلى المرونة في اختيار المواد، فبعضها يقبل الطلاب من خلال أداء اختبار القدرات أو مقابلات شخصية.
وتأتي مصروفات الجامعات الأهلية أغلى من الجامعات الحكومية، في مستوى دخل الأسرة، ولكنها أرخص من الجامعات الخاصة، وأحيانًا يوجد منح للمتفوقين أو دعم جزئي للطلاب المحتاجين، فضلًا عن ذلك توفير سكن جامعي بأسعار منخفضة مقارنة بالسكن الفندقي التابع للجامعات الأهلية الجديدة، حيث تعود الرسوم المستحقة في مصلحة تطوير خدمات ومناهج الجامعة.
الجامعات الأهلية تُلبي احتياجات سوق العمل
يعد الهدف الأساسي من إنشاء الجامعات الأهلية هي الحاجة الضرورية للتوسع في البرامج الجديدة، والاستجابة لاحتياجات سوق العمل بعيدًا، عن التخصصات التقليدية المعتادة، مع إتاحة فرص أكبر لتعليم جامعي يقوم على الشراكات الدولية مع الجامعات المصنفة دوليًا، بالإضافة إلى إتاحة فرص أكبر للبرامج الدراسية البينية، ومواكبة التطور المعاصرة في برامج التعليم على المستوى الدولي، والمساهمة في تنمية المدن الجديدة.
تهدف الجامعات الأهلية في مصر إلى تطوير التعليم العالي، من خلال تقديم برامج تعليمية متخصصة، ومواكبة لمتطلبات سوق العمل المحلية والدولية، مع التركيز على البحث العلمي وخدمة المجتمع، بشكل يلائم احتياجات العصر، ويعالج مشاكل التعليم الحكومي، كما تسعى إلى تحقيق التميز الأكاديمي والإبتكار، وريادة الأعمال، وتأهيل خريجين قادرين على المنافسة عالميًا.
بالإضافة إلى تعزيز التنافسية بين المؤسسات التعليمية، ودعم وتشجيع الإبتكار وريادة الأعمال، حيث تهدف إلى تحقيق تنمية متوازنة مستدامة، ووقف المركزية التعليمية في القاهرة والإسكندرية فقط، وجودة العملية التعليمية، فهي تعمل على تطوير مهارات الطلاب المختلفة، ومهارات التعليم والتطور الذاتي، وتقليل استنزاف العملة الصعبة، أي بدل السفر إلى الخارج للدراسة، إتاحة الدولة فرص التعليم بنفس الجودة داخل البلد.
بنية تحتية متطورة تجمع بين الحداثة المعمارية والتحول الرقمي
تُبنى الجامعات الأهلية على مساحات كبيرة، لأنها تضم مباني تعليمية وإدارية متطورة على أحدث طراز، بالإضافة لوجود معامل مزودة بأجهزة متطورة ومطابقة للمعايير الدولية، وإتاحة مدن الجامعية شاملة للترفية والدراسة للطلاب من خارج المحافظات، وذلك في إطار وجود تخطيط عمراني ذكي يسهل حركة الطلاب، ويفصل بين الكليات.
علاوة على ذلك إتاحة بنية رقمية قوية كـ زيادة سرعة الإنترنت في الحرم الجامعي بأكمله، وحساب خاص بكل طالب على المنصة التعليمية بالجامعة، وتوفير مكتبة إلكترونية؛ للوصول إلى المراجع العالمية، وتزويد قاعات الدراسة بشاشات عرض ذكية، وبروجكتورات، ووسائل تعليم إلكتروني، وذلك ما يسهل من استخدام نظام تعليم هجين بين الدراسة بالحضور أو عن طريق الإنترنت “أون لاين”.
الجامعات الأهلية ترتقي بجودة التعليم وتمنح شهادات معتمدة محليًا ودوليًا
تخضع الجامعات الأهلية لمعايير الجودة العالمية، وتمنح شهادات معترف بها، مما يضمن مستوى تعليمي عالي، حيث تعمل تلك الجامعات على تقديم تعليم مماثل للجامعات الأجنبية، مما يمكن الطلاب من العمل بحرية في اي دولة، فهي تقوم على مناهج متطورة، وبعضها يكون بأكثر من لغة، بالإضافة لوجود برنامج مشترك بين الجامعة وجامعات أخرى عالمية مثل الجامعة الأمريكية والكندية، وأيضًا وجود أساتذة على أعلى كفاءة.
ويذكر أن جميع الجامعات الأهلية في مصر معترف بها رسميًا في المجلس الأعلى للجامعات، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وبعض البرامج الدراسية نتيجتها شهادة مزدوجة من الجامعة المصرية وأخرى من الأجنبية الشريكة، وعند إكتمال الطالب السنين الدراسية، يستطيع أن يستكمل دراسات عليا في أي جامعة مصرية أو أجنبية، وإتاحة العمل في الوظائف الحكومية والخاصة.
شروط الإلتحاق بالجامعات الأهلية وضوابط التنسيق
تنسيق الجامعات الأهلية في مصر يتم من خلال مرحلة تنسيق خاص ومختلف جزئيًا إلكتروني، مستقل عن تنسيق الجامعات الحكومية، ولكنها تعتمد على نفس الحد الأدنى للقبول في الجامعات الخاصة المعلن عنها من قبل مجلس الجامعات الخاصة.
يقوم الطالب في بداية الأمر بالتسجيل على موقع رسمي مخصص للجامعات الأهلية، ثم يختار الكليات والتخصصات حسب مجموعه ورغبته، وبعد ذلك يظهر له نتيجة ترشيحه، علمًا بأن لا تعتمد الجامعات الأهلية على الموقع الجغرافي، فيستطيع أي طالب الإلتحاق بالجامعة المناسبة له دون التقييد بإطار جغرافيا معين.
تختلف شروط الإلتحاق، حيث تحدد كل جامعة أهلية حد أدنى مختلف حسب التخصص، وغالبًا ما تكون أقل من الجامعات الحكومية، حيث يجب حصول الطالب على إتمام الشهادة الثانوية العامة، أو الأزهرية، أو ما يعادلها من الشهادات الأجنبية او العربية، وشرط أساسي أن تكون الشهادة حديثة من نفس العام، أو العام السابق.
وعند التقديم يجب إحضار شهادة الميلاد، صورة البطاقة أو الرقم القومي، صورة شخصية، إستمارة الترشيح بعد القبول، ملف تقديم من الجامعة نفسها، وبعد القبول يلتزم الطالب بتسديد جزء من المصروفات لتأكيد مكانه، وأحيانًا تقوم بعض الجامعات بتسهيلات في الدفع، أو منح للمتفوقين، أو المحتاجين، تقديرًا لتفوقهم وتميزهم، وقد تحتاج بعض الكليات اجتياز اختبار قدرات، أو مقابلة شخصية مثل كليات الفنون، الإعلام، الذكاء الاصطناعي، التصميم، العمارة.
وتتنوع المصروفات بين الجامعات الأهلية حسب النسبة المئوية للمجموع، حيث تتراوح المصاريف أقل من 20 ألف جنيه إلى أكثر من 150 ألف جنيه حسب التخصص والجامعة، ويرجع زيادة المصروفات إلى الأزمة الاقتصادية وارتفاع تكاليف التشغيل.
الجامعات الأهلية تتيح فرص عمل بعد التخرج
نظرًا لمواكبة الجامعات الأهلية لمتطلبات سوق العمل، فيزداد الطلب على الخريجين من تلك الجامعات، فهم مؤهلين بشكل جيد؛ لتدريبهم عملي في المؤسسات، أو المصانع، أو الشركات، وذلك يجعل الطالب يكتسب خبرة قبل إنتهاء المسيرة التعليمية، وفي بعض الأحيان يتعين الطالب في نفس المكان الذي تم تدريبه في من قبل، وأيضًا تمتلك بعض الجامعات شراكات مع جامعات أجنبية، أو برامج دولية معتمدة، وهذا ما يوضح أهمية توثيق واعتماد الجامعة.
وتأتي أهم فرص العمل التي توفرها الجامعات الأهلية هي برامج تدريب وتوظيف داخلية، وتخصصات دراسية تواكب متطلبات السوق، مثل الذكاء الاصطناعي، وعلوم البيانات، والأمن السيبراني، ونظم الطاقة المستدامة، والتكنولوجيا الحيوية، وإدارة الأعمال الدولية، بالإضافة إلى إتاحة فرص العمل الأكاديمي والبحثي أمام الخريجين للعمل كمساعدين باحثين أو معيدين داخل الجامعة نفسها.
أسماء الجامعات الأهلية في مصر
جاءت الجامعات الأهلية الأقدم كالتالي: جامعة النيل الأهلية، الجامعة المصرية للتعلم الإلكتروني الأهلية، الجامعة الأهلية الفرنسية في مصر، جامعة مصر للمعلوماتية بالتعاون مع وزارة الاتصالات، جامعة الملك سلمان الدولية، جامعة الجلالة، جامعة العلمين الدولية، جامعة المنصورة الجديدة.
بينما جاءت الجامعات الأهلية المنبثقة عن جامعات حكومية، أي بنفس الاسم غالبًا، وتدرس نفس التخصصات لكن بنظام مرن وتكاليف أقل من الجامعات الخاصة، وهم جامعة حلوان الأهلية، جامعة المنصورة الأهلية، جامعة بنها الأهلية، جامعة المنوفية الأهلية، جامعة بني سويف الأهلية، جامعة أسيوط الأهلية، جامعة جنوب الوادي الأهلية، جامعة المنيا الأهلية، جامعة الإسكندرية الأهلية، جامعة الزقازيق الأهلية، جامعة الإسماعيلية الجديدة الأهلية، جامعة شرق بورسعيد الأهلية.
وأعلنت وزارة التعليم العالي عن 12 جامعة أهلية الجديدة، لبدء الدراسة 2025/2026، وهم جامعة القاهرة الأهلية، جامعة عين شمس الأهلية، جامعة دمنهور الأهلية، جامعة السويس الأهلية، جامعة سوهاج الأهلية، جامعة كفر الشيخ الأهلية، جامعة الوادي الجديد الأهلية، جامعة الفيوم الأهلية، جامعة طنطا الأهلية، جامعة دمياط الأهلية، جامعة الأقصر الأهلية، جامعة مدينة السادات الأهلية.
الجامعات الأهلية تحت المجهر: تعليم عصري أم عبء على الطلاب
على الرغم من التأييد الذي تحظى به الجامعات الأهلية، إلا أن ظهرت بعض الاعتراضات التي تؤثر على قرارات الطلاب للإلتحاق بتلك الفئة من الجامعات، والتي تتمثل في إرتفاع المصروفات الدراسية، بالإضافة إلى تكاليف المعيشة للطلاب، مثل السكن والانتقالات والمصروفات اليومية، وأيضًا محدودية الإمكانيات البحثية في بعض الجامعات.
وبجانب ذلك قلة نسبة أعضاء هيئة التدريس من حملة الدكتوراه، أو الذين لديهم خبرات دولية، ومسألة الإعتماد الأكاديمي والدولي، وقلة فرص المنح الدراسية أو برامج دعم مالي، والتركيز على الجانب التجاري والربحي أكثر من تركيزها على تطوير جودة التعليم والخدمات، وفي بعض الأحيان يشير بعض الخريجين إلى أن فرص العمل تكون أكثر ميلًا لخريجي الجامعات الحكومية مقارنة بخريجي الجامعات الأهلية.
بالإضافة إلى عدم وضوح الاعتراف الدولي ببعض الشهادات، وعدم وضوح التخصصات الجديدة في سوق العمل، حيث تقدم بعض الجامعات برامج حديثة جدًا مثل علم النانو والهندسة البيئية، وفضلًا عن ذلك الخلط في مفهوم الجامعات الخاصة والأهلية يؤدي إلى سوء فهم كلًا منهما.
وبهذا تمثل الجامعات الأهلية نموذجًا تعليميًا حديثًا، تسعى الدولة من خلاله إلى تطوير منظومة التعليم العالي والبحث العلمي في مصر، وتأهيل عمالة لسوق العمل، مما يعزز من فرص التوظيف، ويقلل من فجوة المهارات التي يعاني منها كثير من الخريجين، ومع تنوع التخصصات وربط المناهج بإحتياجات السوق الفعلية، تمثل الجامعات الأهلية خطوة مهمة نحو بناء نظام تعليمي يرفع من شأن الدولة وطلابها.