بقلم أ.د/ أماني عوض
عميدة كلية التربية جامعة دمياط
ماذا بعد أن تقلص دور المؤسسات التعليمية في إلقاء مادة علمية وفقدت المدارس مكانتها في التهذيب والتقويم السلوكى، وخلت المدارس من معلمين مربيين بوقف التكليف لخريجي كليات التربية والاستعواض عنهم بمسابقات مرحلية لا تغنى ولا تسمن من جوع؟، ماذا بعد أن انشغلت الأسر المصرية ببرامج التيك توك والسوشيال ميديا والبرامج التافهة التى هدفت للتربح المادى السريع دون عناء نفسي ودون إجهاد الذات؟.
ماذا بعد مع إعلام غير هادف يتناول بلطجة وانحطاط أخلاقى ولغوى ولفظى وحركي، وتقلصت برامج الدين والحياة والعلوم لتتحول الميديا إلى عربجة وفوضى أخلاقية؟..ماذا بعد محاولات تطوير وهمى للوائح ..ماذا بعد التحول الي عصر الرقمنة الشكلية في المسمى والفاقدة الي أسس علمية للتوظيف والتطبيق الفعال لتنمية البحث العلمى ومهارات التحليل والتنقيب والاستدلال والاستنتاج؟.
ماذا بعد كل هذا وذاك سوى مزيد من التردى والتراجع والانحطاط الأخلاقي وجميع مؤسسات التعليم الجامعى تشهد علي مستوى الطالب القادم من التعليم قبل الجامعى، وما يتسم به من فكر مضمحل ولغة بذيئة وممارسات غير مقبولة ومظهر غير مهندم وحوار غير مقبول عرفا ودينا… والكل يشهد علي استهتار ولامبالاة بالغة وواضحة للعيان وجميعنا حزين علي المستوى العلمى والأخلاقى للطالب تلك الآونة.
ماذا بعد عن كليات التربية التى تعاني من تردى حال المدخلات الواردة من التعليم قبل الجامعى من تعليم قائم علي الاستظهار والتلقين مع غياب مهارات تفكير مع ظواهر بلطجة لغة وحوار وفكر؟… هل ما تم تكوينه علي مدار سبعة عشر عام قابل للتقويم خلال أربع سنوات دراسة جامعية بكلية التربية؟… تطالعنا الآراء غير المدروسة عن تحويل كليات التربية الي دراسات عليا فقط للإعداد التأهيلي ويتشدق فكر البعض في إلغاء كليات التربية، والنتيجة أكثر تردى فكرًا وممارسة.
ارحموا أبنائنا من هذا العبث الفكرى.. كفانا استهتار بالتعليم والتربية قبل التعليم…كفانا تطوير زائف لا يعبر الا عن ارضاء لكتائب تبحث عن عدد مقررات وعدد كتب وعدد طلاب. لن يصلح التعليم إلا حينما يكون العالم هو القدوة، والمعلم هو النموذج، وعندما يتوافر معلمين أكفاء، وتوفير معلمين قادرين علي التربية القويمة التى تربينا عليها في فصول الآداب الإسلامية في كتب الدين وعلي غلاف الكراسات في نشر بعض الممارسات ضمن التربية القومية؛ في جمل تعكس تنمية اتجاه وطنى أو دينى أو سلوكى إيجابي.
التعليم قضية أمن قومى إن صح سلم المجتمع وإن فشل التعليم سقطت المجتمعات وهوت، وما أحوجنا تلك الآونة للتسلح بالدين والعلم والإيمان لمواجهة التحديات الحالية التى تحاك بنا من كافة الاتجاهات وعلي كافة المجالات … ارحموا كليات التربية وارحموا أجيال لم يتبق منها سوى اللامبالاة؛ إلا من رحم ربي من بعضهم رغم ندرتهم.