تقرير – سوزان الجمال
ينطوي تشخيص الفصام على استبعاد غيرة من اضطرابات الصحة النفسية والعقلية، وإثبات أن الأعراض ليست ناجمة عن تعاطي المخدرات، أو الأدوية، أو حالة طبية، ويؤثر على 24 مليون شخص تقريبًا أو على شخص واحد من كل 300 شخص في جميع أنحاء العالم.
قال الدكتور “جمال فرويز” استشاري الطب النفسي وأستاذ بكلية الطب جامعة عين شمس: “إن انفصام الشخصية الذهان، يعدّ معيقًا بشكل كبير لأنه يؤثر على جميع مجالات الحياة، بما فيها الأداء الوظيفي الشخصي والأسري والاجتماعي والتعليمي والمهني، ومن الشائع أن يتعرض المصابون بانفصام الشخصية للوصم والتمييز وانتهاك حقوق الإنسان”.
وأضاف “فرويز”: “أكثر شخصين من كل ثلاثة أشخاص مصابين بالذهان في العالم، لا يحصلون على الرعاية المتخصّصة في مجال الصحة النفسية، وتوجد طائفة من خيارات الرعاية الفعالة للمصابين بانفصام الشخصية، ويتمكن شخص على الأقل من كل ثلاثة أشخاص مصابين به من التعافي بشكل كامل”.
وتابع”جمال فرويز”: “يتميز انفصام الشخصية باختلالات شديدة في طريقة نظر الشخص إلى الواقع، وتغيرات تطرأ على سلوكه من جراء واحد أو أكثر من جزء، الأوهام الراسخة، وتمسك الشخص بمعتقدات ثابتة بشأن صحة أمر ما رغم وجود بيّنات تثبت عكس ذلك”.
وأشار استشاري الطب النفسي: “ومنها حالات الهلوسة المستمرة، قد يسمع الشخص أصواتًا أو يشمّ روائح أو يرى أو يلمس أو يشعر بأشياء لا وجود لها، التجارب المتعلقة بالتأثير أو السيطرة أو السلبية، شعور المرء بأن مشاعره أو دوافعة أو أفعالة أو أفكارة غير صادرة عن شخصه، أو أن آخرين يغرسونها في ذهنه أو ينتزعونها منه، أو أن أفكارة تنتقل إلى الآخرين”.
أوضح الدكتور جمال فرويز: “من الأعراض السلبية مثل الكلام المحدود جدًا وضعف الخبرات والقدرة على التعبير عن العواطف، والعجز عن إبداء الإهتمام أو الشعور بالمتعة، والنزوع إلى الانزواء الاجتماعي، الهياج الشديد أو بطء الحركات، والإصرار على اتخاذ وضعيات غير عادية”.
وقال “فرويز”: “غالبًا ما يواجه المصابون بانفصام الشخصية صعوبات دائمة في ممارسة المهارات المعرفية أو مهارات التفكير، مثل الذاكرة، والانتباه، والقدرة على حل المشاكل، ويتعافي ثلث المصابين بانفصام الشخصية على الأقل من أعراض المرض تمامًا 1”.
أكد استشاري الطب النفسي: “أن انفصام الشخصية يؤثر على 24 مليون شخص تقريبًا، أو على شخص واحد من كل 300 شخص “0.32%” في جميع أنحاء العالم، ويمثل هذا المعدل شخصًا واحدًا من كل 222 شخصًا “0.45%” فيما بين البالغين “2”، فهو أقل شيوعًا من العديد من الاضطرابات النفسية الأخرى”.
واستكمال”جمال فرويز”: “كثيرًا ما يتسبّب انفصام الشخصية في قدرٍ كبير من الضيق والتعثر في المجالات الشخصية والأسرية والاجتماعية والتعليمية والمهنية، وغيرها من مجالات الحياة الهامة، ومن المُرجّح أن يموت المصابون بانفصام الشخصية في وقت مبكر بمعدل يتراوح بين مرتين وثلاث مرات أكثر من عامة السكان 3”.
في الوقت الراهن، تفتقر الغالبية العظمى من المصابين بانفصام الشخصية حول العالم إلى خدمات الرعاية الصحية النفسية، ونحو 50% تقريبًا من نزلاء مستشفيات الطب النفسي تُشخّص حالتهم على أنهم مصابون بانفصام الشخصية “4”. وتحصل نسبة 31.3% فقط من المصابين بالذهان على رعاية متخصّصة في مجال الصحة النفسية “5”، ويتّسم إنفاق معظم الموارد المخصصة لخدمات الصحة النفسية بنقص الكفاءة داخل مستشفيات الصحة النفسية.
وثمة بيّنات واضحة على أن مستشفيات الصحة النفسية، لا تؤدي دورًا فاعلًا في تقديم الرعاية اللازمة للمصابين بالحالات الصحية النفسية، وأنها تنتهك بانتظام حقوق الإنسان الأساسية للمصابين بانفصام الشخصية، ويتعين تسريع وتوسيع نطاق الجهود الرامية إلى نقل خدمات الرعاية من مؤسسات الصحة النفسية إلى المجتمع المحلي.
ولم تقف البحوث على سبب وحيد للإصابة بانفصام الشخصية، ويُعتقد أن الاضطراب ناجم عن تفاعل بين الجينات وطائفة من العوامل البيئية التي قد تسبّب انفصام الشخصية، وتؤثر أيضًا العوامل النفسية والاجتماعية على بداية ظهور الاضطراب والمسار الذي يتّخذه.
وتشمل خيارات الرعاية الصحية النفسية المجتمعية، الإدماج في الرعاية الصحية الأولية والرعاية العامة في المستشفيات، ومراكز الصحة النفسية المجتمعية، ومراكز الرعاية النهارية، وخدمات الإسكان المدعومة، وخدمات التوعية المقدمة في إطار الدعم المنزلي، ومن الضروري إشراك المصابين بانفصام الشخصية وأفراد الأسرة والمجتمع على نطاق أوسع في تقديم الدعم.
وهناك طائفة من خيارات الرعاية الفعالة المتاحة للمصابين بانفصام الشخصية، وهي تشمل الأدوية، التربية النفسية، التدخلات الأسرية، العلاج المعرفي السلوكي، إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي، مثل التدريب على المهارات الحياتية، ولعل تيسير العيش بمساعدة الغير وتقديم الدعم في مجال السكن والعمل من خيارات الرعاية الأساسية التي ينبغي إتاحتها للمصابين بانفصام الشخصية.
كما أن إتباع نهج موجّه صوب تحقيق التعافي، ومنح الأفراد حرية اتخاذ القرارات المتعلقة بالعلاج، أمر ضروري للمصابين بانفصام الشخصية وأسرهم أو القائمين على الرعاية أيضًا.
تسلّط خطة عمل المنظمة الشاملة للصحة النفسية 2013/2030 “خطة العمل” الضوء على الخطوات اللازم اتخاذها لتقديم الخدمات المناسبة للمصابين باضطرابات نفسية، ومنها انفصام الشخصية، ومن التوصيات الرئيسية الواردة في خطة العمل نقل عملية تقديم الخدمات من المؤسسات إلى المجتمع المحلي.
وتهدف مبادرة المنظمة الخاصة بشأن الصحة النفسية، إلى إحراز مزيد من التقدم صوب بلوغ أغراض خطة العمل الشاملة من خلال ضمان حصول 100 مليون شخص آخر على الرعاية الجيدة والميسورة التكلفة لحالات الصحة النفسية.
ويسترشد برنامج عمل المنظمة لرأب الفجوة في الصحة النفسية “برنامج العمل”، بإرشادات تقنية مسندة بالبيِّنات وأدوات ومجموعات مواد تدريبية لتوسيع نطاق تقديم الخدمات في البلدان، ولاسيما في الأماكن الشحيحة الموارد.
ويركز برنامج العمل على مجموعة من الحالات المرضية ذات الأولوية، بما فيها الذهان، ويوجِّه برامجه المعنية ببناء القدرات إلى مقدمي الرعاية الصحية غير المتخصّصين في إطار اتباع نهج متكامل يعزّز الصحة النفسية على جميع مستويات الرعاية، علمًا بأن برنامج العمل يجري تنفيذه حاليًا في أكثر من 100 دولة عضو في المنظمة.
وينطوي مشروع المنظمة بشأن الحقوق والجودة “QualityRights”، على تحسين نوعية الرعاية والتمتع بحقوق الإنسان في مرافق الصحة النفسية والرعاية الاجتماعية وتمكين المنظمات من الدفاع عن صحة المصابين باضطرابات نفسية وحالات إعاقة نفسية واجتماعية.
أمّا إرشادات المنظمة بشأن خدمات الصحة النفسية المجتمعية والنُهج التي تركز على الناس والقائمة على الحقوق، فتقدم المعلومات والدعم اللازم لجميع أصحاب المصلحة الراغبين في تطوير نظمهم وخدماتهم الخاصة بالصحة النفسية أو تحويلها لمواءمتها مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما فيها اتفاقية الأمم المتحدة بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.